في إطار التنويع المستمر لما ينشر في ينبوع المعرفة كي يبقى متدفقا ، يسرني أن أنشر اليوم مقالة للصديق لمباركية نوّار صاحب ركن معزوفات تربوية التي تنشر كل يوم خميس بجريدة صوت الأحرار التي أرسلت لي عن طريق البريد الألكتروني وهي بعنوان :ولكن، من الفقيه؟؟ (1)
الكتابة جسر من جسور الإفضاء التي لا تفرط فيه الأمم المتحضرة؛ لأنها أداة للتثقيف والتثاقف، ووسيلة راقية لعقد مجالس الحوار وتبادل الرأي على الورق. ولئن كان العقل هو مشتلة الأفكار؛ فإن القلم هو من يهاجر بها من الضيق الفردي إلى فسحة الجماعة، ومن حيز الأنا إلى مرابع الآخرين. وأما حال الأفكار من حيث كمالها ونضجها وقوتها، فإنه يشتق من درجة بري قلم صاحبها الذي يتولى ترجمها لحظة زفها إلى القراء.
قرأت منذ أيام قليلة مساهمة كتابية نشرت في صفحة جريدة منحها صاحبها عنوان تساؤليا مختصرا، ولكنه عار من الصبغة الإجرائية، هو: "متى نفقه؟". ومن المفيد أن تأخذ عناوين المقالات الصحفية أشكالا استفسارية؛ ذلك لأن السؤال يحمل في طياته محرضات استفزازية تستنهض القدرات العقلية، وتضع القارئ في موقع المتفاعل إيجابيا مع بناء النص أثناء قراءته التي لن تكون قراءة عابرة وسطحية كمن يقرأ للتسلية أو للمتعة. وإنما تكون قراءة من يرغب في قطف ثمرة أي زاد معرفي يتزود به بعد تمثله وتخزينه في ذاكرته كمعرفة إضافية.
يرمي صاحب المقال إلى الدفاع عن مواقف المعلمين في كلام وصفي مبديا تذمره مما يقرأ هنا وهناك من كلام فيه تجن وافتراء، حسب ما يراه. وهو ينسى أن الكاتب الملتزم حين يكتب يستحضر مسؤوليته وضميره. والحق أن المعلم، في أيامنا، لم يعد يحافظ على هيبته ووقاره مثلما كان معلم الأمس. ولم يق نفسه من السقوط في المعيبات التي جردته من أغلى ما يملك بعد أن باع الأثمن والباهظ بالأرخس والأبخس. ولا اعتقد أن الشاعر المصري أحمد شوقي لو مايزال يعيش بين ظهرانينا سيصف المعلم بأوصاف كادت أن تجعل منه رسولا؟؟. وأن يثني عليه ثناءً جميلا لرفع مكانته في المجتمع.
يستطيع المعلم أن يعبر كلاميا عن بغضه للإضراب وتعففه من الركون إلى الفوضى ، وأن يوسع دائرة تبرئة نفسه من كل المشوهات التي يراها تهما منكرة وملفقة له. ولكن ممارسات المعلمين التي نراها ونعيشها تنضح بخلاف ذلك. أوليس الإضراب الذي أصبح من أكبر ملوثات السنوات الدراسية عملا من بنات فكر المعلمين ومن عجن أيديهم؟؟. وهل يستطيع المعلمون إقناعنا بأنهم يفكرون في مصالح المتعلمين عندما يتسببون في غلق أبواب المؤسسات التعليمية كمن يقوم بفعل جنائي مسبوق بالترصد والإصرار؟، وأنهم يتطلعون إلى الابتهاج بنجاحهم وتفوقهم؟. ولا شيء يمنعنا، حينئذ، أن ندعو كل معلم داع للإضراب إلى إكمال شطر البيت الشعري المعروف الذي تنص بدايته على: لا تنه عن خلق.... بل وتأتي بأعر منه؛ لأن من يسيء إلى المدرسة رمز وجودنا وكينونتنا يعمل على تخريب حاضرنا وتعريض مستقبل وطننا إلى المهالك والإخفاق؟؟.
لو يرجع كاتب المقال بصره في الواقع المدرسي المعيش لتعجب شديد العجب من إقدامه على فتح صفحات واجبات المعلمين في زمن طغت فيه صيحات المطالبة لكسب الحقوق التي علت راياتها في ساحات المدارس. فمن يصدق هذه الدعوة بعد أن أصبح نصيب واجباب المعلم في يومياته كمقدار الملح في الطعام، أو أقل؟؟. لقد ضاعت واجبات المعلم عن آخرها منذ أن تحول من مرب، أي من مكوّن لرجال ونساء المستقبل، إلى نقابي، أو يوم سار في موكب النقابيين سير المريد خلف شيخه؟؟. ولو وضع المعلم ضخامة واجباته اليومية نصب عينيه، واضطلع للقيام بها على أكمل وأحسن وجه، فلن يظفر من بين ساعات ليله ونهاره بدقائق يفكر فيها في الإضراب. وسيعجز عن التطواف متنقلا بين البيوت من طلوع الشمس إلى مغربها هرولة خلف مايسمى بـ"الدروس الخصوصية"؟؟. لقد حوّلت هذه الوظيفة الأخيرة المبتدعة وغير القانونية المربين من سادة في المجتمع إلى عبيد أصحاب الجيوب المملوءة. فهل من هوان يناظر هذه الهوان الذي ذل فيه العلم أمام القرش، وانحني راكعا وصاغرا خده كالأسير الحقير والمنهزم أمام رجلي من فض هالة كرامته ؟؟. وكيف يبيع المعلم أنفته وعزته وينسى تنبيهات المربي والشاعر الشهيد الربيع بوشامة (1916 ـ 1959م) في قوله:
وارْبَأنَّ بالنَّفسِ أنْ تـــــــحْيَا علَى فَـضلاتِ النَّاسِ أو تَرضَى القَمَاءَه
قـَـــــــدْرُكَ المَرفوعً يَأبىَ أن تُرى مُسْتكينًا طامِـــــــــــعًا خَلفَ دَنَاءه
لم تعد القضية محددة بما عبر عنه صاحب المقال بكلمة: المال، ولعله يقصد التطلع إلى العيش الكريم، وإنما تجاوزتها بفراسخ وأميال، وأصبحت قضية أخلاقية في المقام الأول. وليس من المنطق أن ندعو الناس لخوض غمار تجربة في حقل التربية والتعليم ليقفوا على وعورتها، ومن هنالك يرصدوا للمعلم أعذارا يوظفها في تبرير تصرفاته لما تشذ عن خط تدرجها السليم. ولكن يكفي أن يستقيم العود حتى يبصر الناس ظله مستقيما على صفحة الماء. وإن ذلك وحده يريح المعلم ويعفيه من مطالبة كل منتقد له لكي يتحول إلى عود ليتحسس مؤثرات ومخلفات العوامل المناخية من رياح وجليد وصقيع، وما تسببه له من تقشير واعوجاج وتقوّس.
يقول صاحب المقال في ما يشبه صيحة استجداء لتسويغ وجاهة النداءات المتوالية إلى
الإضراب من قبل نقابات التربية والتعليم: لو أنكم جربتم مهنة التعليم لعرفتم أنها أصعب مهنة في الوجود معنويا وجسديا وفكريا واجتماعيا ودينيا. ويفهم من هذا الكلام شكوى من أثقال رسالة ـ وهو دعاها مهنة ـ التربية والتعليم، وما يلتصق بها من مشقة مقلقة وتعب مضن. ولا خلاف في أن هذه الكلمات واقعة في محلها المناسب، إلا أن قائلها تناسى ذكر أطايب ثمارها ومباهجها لما يعيش المعلم في قسمه كصاحب مشروع سام يؤديه بعصمة روح وطهارة ضمير وصفاء عقيدة، وليس كممتهن أو حرفي؟؟. وكم هو غافل من يطمع في إدراك العسل الحلو من دون لسعات النحل المؤلمة؟؟.
وللمصافحة تكملة في الحلقة القادمة، بحول الله.
الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 12:10 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات بافضل الديكورات والابداعات الجديده والمستمر في المشبات حيث نقوم بكافت اعمال المشبات بافضل الاسعار واجمل التصميم ديكورات روعه ديكورات مشبات حديثه افضل انواع المشبات في السعوديه افضل اشكال تراث غرف تراثية
الإثنين 23 نوفمبر 2020 - 14:30 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات صور مشبات رخام صور مشبات ملكيه صور مشبات فخمه صور مشبات روعه صور مشبات جد
الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 12:59 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات ومدافى بتصميم مودران مشبات رخام جديده
الثلاثاء 26 مايو 2020 - 14:26 من طرف جمال ديكورك
» كراس التمارين والكتابة للسنة الاولى ابتدائي
الأحد 13 أكتوبر 2019 - 1:44 من طرف kaddour_metiri
» تصميم بابداع وعروض لجمال ديكور بيتلك صور مشبات مشبات رخام مشبات الرياض
الإثنين 14 يناير 2019 - 23:34 من طرف shams
» بيداغوجية الدعم بدل الاستدراك
الثلاثاء 31 يوليو 2018 - 23:31 من طرف shams
» بالمحبة والاقتداء ننصره.
الأربعاء 11 يوليو 2018 - 12:58 من طرف shams
» Le Nom .مراجعة
الجمعة 25 مايو 2018 - 17:22 من طرف أم محمد