" ربنا هب لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرّ’ أعين .. "
تربية الأطفال من الأمور التي ينبغي على كل والد ووالدة أن يعتني بثقافته المعرفية وسعة الاطلاع في قضايا وأمور تزيد من خبرته في كيفية التعامل مع الطفل وصياغة شخصيته صياغة لا تعتمد على الموروث ( البيئي ) فحسب !
أمّا عن سؤال الطفل عن يومه وتصرفاته في مدرسته أو ماذا عمل في بيت الجيران أو في مناسبة فلان أو فلانة . .
فالمشكلة ليست في السؤال بقدر ما هي في مضمون السؤال وطريقته ..
الطفل كالصفحة البيضاء لا يعرف النميمة بالمفهوم الواضح عند الرجل الكبير ، وبدوافعها عند الكبار . .
هو قد يتكلّم بدافع الفطرة والرغبة في الكلام والحديث ..
لكن سلوكيّاتنا نحن كآباء في التعامل مع صراحة الطّفل هي التي توجّه سلوكه ودوافعه للسلوك . .
نعم ينبغي على الوالد والوالدة أن يعرف ماذا فعل الإبن حين يكون في مكان يغيب فيه عن عين والديه كأن يكون في المدرسة مثلا . .
لكن لا يكون ذلك بطريقة الإصرار والدخول في تفاصيل دقيقة ربما يكون في بعضها حرجاً على الطّفل ، وربما بعضها يربّي فيه نوع من عدم حفظ اللسان عن ما ينبغي ذكره وما لا ينبغي ذكره ..
إنما يكون السؤال بطريقة لبقة .. تركّز على المعاني ، وتنمية قدرات ( التمييز ) عند الطفل أكثر من تنمية ( سرد الحدث ) أو لاقتناص هفوته لمعاتبته !
ماذا فعلتم اليوم ؟!
كيف كان يومكم المدرسي ؟!
ما الأشياء التي أعجبتك ؟!
ما الأشياء غير الجميلة التي واجهتك ؟!
وهنا دور الوالد والوالدة في توجيه الطّفل من خلال تعزيز معنى الرقابة الذاتية لسلوكه وتصرّفاته ، ومن خلال توجيه الملاحظات وترشيدها بالطريقة المناسبة .
من الخطأ عندما نسألهم أن نركّز على كشف تصرفاتهم غير الجميلة :
- تشاجرت مع صديقك اليوم ؟
- كسرت الزجاجة ؟؟
- عساك فعلت كذا وكذا !
ونحو ذلك .. الأمر الذي يجعل الطل ربما يراوغ ويكذب .
ثم لا يلزم أن تكون هذه الممصارحة ( حصة يومية ) مع الطّفل .. لكن بقَدَر .
أمّا المقارنة بين الأطفال لغرض التحفيز والتشجيع ، فهي اسلوب خاطئ من أساليب التربية عند بعض الآباء .
ولو أن الشخص قاس الأمر على نفسه وهو ( العاقل الواعي الفاهم الأكثر إدراكاً من الطفل ) لما قبل ذلك ولاستهجن من يقارن بينه وبين الاخرين . .
فكيف بالطفل ؟!
الانسان كمخلوق ركّب الله فيه غرائز ومشاعر تتحرّك كلما وُجد دافعها . .
فالغيرة والحقد والشعور بالدونية والانهزامية كلها مشاعر ( سلوكيّة ) يدعّمها هذا الأسلوب الخاطئ في التربية . .
الطفل . . يحب أن يجد نفسه محبوباً من والديه لذاته وليس لأسباب أخرى !
وعندما يعلّق الوالدان حبّهما أو مقدار حبّهما لإبنهما على منجزات محسوسة ويقارنون فيها بينه وبين بعض إخوانه أو أقرانه فذلك يولّد عنده ردّة فعل عكسية من الغيرة والحقد والشعور بالدّونيّة ...
وهكذا تترسّخ عنده قاعدة ( نجاح غيري تعني فشلي ) !!
ولذلك نجد الطّفل الذي تعوّد والداه على مثل هذا الأسلوب من التحفيز ( الخاطئ ) يقاوم نجاحات الآخرين ويحاول أن يثبت فشلهم أو يوقعهم في الفشل . .
إننا لابد أن نُدرك أن الله خلق الخلق وجعلهم قُدرات ومواهب وطاقات ، فلا يلزم أن يكون الأخ ( نسخة ) من أخيه في تميّزه أو مواهبه . .
ومن الخطأ أن يحاول الآباء ( استنساخ ) الأبناء في إبن واحد !!
إن كل طفل يملك من الطاقات ما لا يملكها الآخر ، فعندما نقارن بين طفل وآخر نكون قد أجحفنا حق الآخر لأنه فعلاً يستحق الثناء لأنه وإن فشل في أمرما إلاّ أنه متميّز في أشياء أخرى لم يتميّز بها الآخر ..
لذلك من أفضل الطرق في التحفيز هو مدح السلوك لا مدح صاحب السلوك . .
وهذا أسلوب القرآن : " وسيجنبها الأتقى . الذي يؤتي ماله يتزكّى . وما لأحد عنده من نعمة تجزى . إلاّ ابتغاء وجه ربه الأعلى " جمهور من أهل التفسير على أن المقصود بهذا الوصف هو ( ابو بكر الصديق ) رضي الله عنه . ولو أن السياق القرآني ذكر الشخصيّة وركّز عليها لفقدت هذه المعاني الجميلة في الاية روحها عند القارئ .
والواقع أن من يستخدم مثل هذا الأسلوب من الاباء مع أبنائه فإن ذلك يدل على ( عجزه ) في أن يسلك وسائل وأساليب أخرى في تنمية التحفيز عند أبنائه ، وذلك إمّا لضعف معرفته أو لاستبطائه أثر الأساليب الأخرى فيسلك الوسيلة الأسرع ( في نظره ) لحصول نتائج إيجابيّة !
أضف إلى أن بعض الضغوطات الاجتماعيّة تجعل أحد الوالدين يتسرّع في أن يقارن بين ابنه وابن جاره أو ابن أخيه أو ابن اخته ( متلمّظاً ) من أن يكون ابنه أدنى من ابن جاره !!
فتراه يقارن بينهما كتعبير وتنفيس لضغط اجتماعي يشعر به .
أمّا أن قوم مريم عليها السلام قالوا لها " يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أمك بغيّاً " .
فالذي يظهر أن ليس في سياق الآية ( مقارنة تحفيزيّة ) بمعنى ( التحفيز ) . . إنما هي مقارنة في مقام التشنيع لا التحفيز .. وفرق بين الأمرين ..
ثم حتى لو قلنا أنها مقارنة ( تحفيزيّة ) ففرق بين أن تقارن بين شخص وقرينه .. وأن تقارن بين شخص وقدوته . .
فالمقارنة بالقدوات ( محفّزة ) . . والمقارنة بالأقران ( مثبّطة ) . .
لأن القدوة محل ( هدف ) عند من يقتدي به .. والأقران محل ( تنافس وتسابق ) ..
بحـث
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 49 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 49 زائر
لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 320 بتاريخ السبت 17 ديسمبر 2016 - 23:28
المواضيع الأخيرة
احصائيات
أعضاؤنا قدموا 16045 مساهمة في هذا المنتدى في 5798 موضوع
هذا المنتدى يتوفر على 11084 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو houda-56 فمرحباً به.
.: زوار ينبوع المعرفة :.
الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 12:10 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات بافضل الديكورات والابداعات الجديده والمستمر في المشبات حيث نقوم بكافت اعمال المشبات بافضل الاسعار واجمل التصميم ديكورات روعه ديكورات مشبات حديثه افضل انواع المشبات في السعوديه افضل اشكال تراث غرف تراثية
الإثنين 23 نوفمبر 2020 - 14:30 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات صور مشبات رخام صور مشبات ملكيه صور مشبات فخمه صور مشبات روعه صور مشبات جد
الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 12:59 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات ومدافى بتصميم مودران مشبات رخام جديده
الثلاثاء 26 مايو 2020 - 14:26 من طرف جمال ديكورك
» كراس التمارين والكتابة للسنة الاولى ابتدائي
الأحد 13 أكتوبر 2019 - 1:44 من طرف kaddour_metiri
» تصميم بابداع وعروض لجمال ديكور بيتلك صور مشبات مشبات رخام مشبات الرياض
الإثنين 14 يناير 2019 - 23:34 من طرف shams
» بيداغوجية الدعم بدل الاستدراك
الثلاثاء 31 يوليو 2018 - 23:31 من طرف shams
» بالمحبة والاقتداء ننصره.
الأربعاء 11 يوليو 2018 - 12:58 من طرف shams
» Le Nom .مراجعة
الجمعة 25 مايو 2018 - 17:22 من طرف أم محمد