العلم نبض الحياة - بقلم التلميذة عابد زهرة من ثانوية الزيتونة

يعلم الجميع مدى معاناة الجزائر ... في وقت الاستعمار وعاداتهم اللإنسانيّة
كما تعلمون مدى الجهل والانحطاط في ظلّ دياناتهم المسيحيّة
نعلم كذلك أن الاستعمار حرّف كلّ الدلائل والبراهين من وثائق أكيدة وقويّة
لكــــن .... ما أقوى من ذاكرة الثوّار ؟؟؟ الوثائق والبراهين تضيع وتمزّق ، لكن كيف تمضي ذكرى التاريخ في أذهان الأجيال الصامدة التي لا تقبل الإهانة والأذيّة؟
دعوني الآن أعود بأذهانكم إلى زمن غابر تكاد تمّحي أحداثه و تصبح منسيّة؟
أو هل تتذكرون تاريخ " 16 أفريل "؟ وما جرى فيه من وقائع مأساويّة؟
فقد مات فيه أشهر علّامة في البلدان العربية
الإمام عبد الحميد بن باديس .. من العائلة الباديسيّة ، التي تشتهر بالأخلاق والعلم واتباعها للشريعة الإسلامية..
تعود جذورها إلى أمراء " صنهاجه " ، الذين تربّعوا على عرش المغربيين في أواسط القرون الهجرية
كما برعوا في الابتكار والعمل مع الذكاء الوقّاد ، وبراعتهم في الوظائف الدينية وكذلك السياسية
فوالده محمد بن مصطفى بن مكي بن باديس ، ووالدته زهيرة بنت علي بن جلول ، العائلة ذات الشهرة بالعلم وآدابهم الفقهيّة..
جاء عبد الحميد إلى الحياة والبلاد ترزخ تحت النيران الاستعمارية .. الذي عاث في الجزائر فسادا منذ 59 سنة بجيوشه ، بغية تسميم الدماء السارية في أواصل الشعب ، وتدنيس العادات الأصلية ..
إذن فقد جاء عبد الحميد والبلاد تعاني من شبح المقوّمات الأساسية ، التفت من حوله فلم يجد سبلا للعلم ولا أثرا للعلماء.. بل معاهد أصبحت مرابط للخيل وجيوش عبارة عن وحوش بشرية
كانت دراسته للقرآن على يد الشيخ " محمد بن المداسي " ، فأتمّ حفظ القرآن على يديه واحتفل به أيّما احتفالية .. بعد ذلك خاض مرحلة أخرى في حياته الدراسية . وذلك على يد الشيخ " حمدان لونيس " الذي ارتحل بعد ذلك إلى البقاع المقدّسة للتعلّم بحريّة ..
ومع ذلك لم يستسلم عبد الحميد بل انتهج سبيل كلّ طامح إلى المزيد من المعارف العلمية ..
سافر إلى تونس وأتمّ دراسته الثانوية والعالية بجامع الزيتونة ، وتحصّل كذلك على مزيد من المعارف الدينية
وبعد دراسة دامت أربع سنوات متواصلة ، سمح له بإعطاء دروس بها وفق السنّة الحميدية
فكوّن عبد الحميد تلاميذ يتميزون بروح فيها نفحة من روحه الطاهرة ، الثائرة والقوية ..
علمت حينئذ أن حياته استثنائية
خاصة جهاده ضدّ الطغيان، فقد تميز بطابع ذي جرأة ومقاومات سياسية . كما أنه حاول تدريس شباب الجزائر لكن الاستعمار منع ذلك ، خوفا من تفتّح العقول العربية ..
يتبع