نظرية التناص - المفهوم والنشأة والتطور -

نظرية التناص - المفهوم والنشأة والتطور -
إن مصطلح التناص الذي يعني استحضار نص ما لنص آخر قد أصبح شائعا في النقد المعاصر . ومع ان ظاهرة التناص ليست جديدة فإن الاهتمام النقدي بها شيء جديد. فكل نص هو في الحقيقة إعادة لنص أو نصوص سابقة. ذلك أن الناص لا يمكن أن ينتج نصا من فراغ , إذ لابد له من مرجعية تعده لإنتاج نص أو نصوص . والمرجعية تختلف من ناص إلى آخر لذلك تأتي النصوص مختلفة بدورها فهي متعددة باختلاف ميولات الكتاب.
وإن كان مفهوم التناص قد عرف في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا عند مجموعة من الدارسين الغربيين في توظيف وتحليل النصوص, فإن التراث النقدي العربي قد عرف هو أيضا هذه الظاهرة وإن كانت أقل وضوحا وقد وصفت بأوصاف مثل: السرقات, الانتحال, التضمين, الاقتباس...
وقد أشار كثير من النقاد العرب القدامى وبعض الشعراء إلى ظاهرة التناص تحت مفاهيم التلميح والإشارة والاقتباس.. فهذا امرؤ القيس يقول:
عوجا على الطلل المحيل لأننا نبكي الديار كما بكى بن حثام
وهي إشارة إلى أنه ليس أول من بكى على الأطلال فما فعله ليس إلا تكرارا وإعادة لفعل شاعر آخر. ويقول كعب بن زهير :
ما أرانا نقول إلا رجيعا ومعادا من قولنا مكرورا
ويشير ابن رشيق في كتابه :قرادة الذهب في أشعار العرب إلى أن مصدر كل كلام هو كلام قبله حتى وإن كان الكشف عن التعالقات النصية ليس بالعملية اليسيرة.فالكلام من الكلام وإن بعدت مناسباته. ويشير كذلك حازم القرطاجني في مصنفه :منهاج البلغاء وسراج الأدباء إلى نوع من تعامل الكاتب مع النصوص السابقة إذ يدخلها في نصوصه وذلك بايراد ذلك الكلام أو بعضه بنوع من التصرف أو التضمين , فيحيل على ذلك أو يدمج الإشارة إليه أو يورد معناه في عبارة أخرى على جهة قلب أو نقا.


يتبع