خاطرة....

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هو شهر تتخلله ذكريات كثيرة لانتصارات المؤمنين من السلف والخلف؛ كغزوة بدر وفتح مكة وفتح الأندلس والهند وفتح عمورية والانتصار الساحق على التتار في موقعة عين جالوت وغيرها...
فالشهر شهر الله، والنصر من عند الله، وأهله من يتقي الله، والمسلم تكون تقواه في القمة في هذا الشهر الفضيل، لهذا يكون النصر قريبا منه بفضل من الله ورحمة...

بيد أن أصحاب السلطة الفلسطينية في الضفة أرادوا أن يخرجوا عن هذه القاعدة – والحق أنهم هتكوها مرات ومرات- بحيث وافقوا على العودة إلى المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني في شهر رمضان ودماء أبناء فلسطين ما تزال تسيل على أرضها التي يعيث فيها الصهاينة الماكرون فسادا، ويا له من إعلان مسموم، وموقف ذليل، فالبعرة تدل على البعير..!
ولكن ليس مستغربا أن يصدر مثل هذا الموقف من السلطة بمباركة أعرابنا المطبعين الذين يسبحون بحمد أمريكا ويقدسونها لأنهم أُشربوا حب الدنيا وكراهية الموت، ومن كان هذا ديدنه، استمرأ الهوان والهزيمة في رمضان وغير رمضان فالأمران عنده سيان..!
لقد أضحكني قول أحد المسؤولين حين صرح أن السلطة ستنسحب من المفاوضات إذا أعلنت "إسرائيل" عن أعمال استيطانية جديدة..!
على من يضحك هؤلاء...إن إسرائيل لم تتوقف لحظة عن تشييد آلاف المستوطنات، بل إنها وصلت إلى حد الاكتفاء الذاتي منها وهي تقوم الآن بالتوسع العددي حتى تضع قدمها على كل شبر من أرض فلسطين، وإسكان اليهود الموزعين في العالم هنا وهناك، ويقابل ذلك هدمها لمساكن الفلسطينيين وطردهم من قراهم التي ورثوها عن أجدادهم قرنا بعد قرن..!
وحتى مدينة القدس لم تسلم من الاستيطان الذي يحاصر المسجد الأقصى يوما بعد يوم، والحفريات المتتالية تنخر ركائزه من أسفله عمدا لينهار ويُبنى مكانه الهيكل المزعوم..!
إنني متيقن أن العرب وفيهم السلطة مدركون أن المفاوضات لن تعيد لهم حقوقهم المهضومة، وهم يعلمون أكثر من غيرهم أنهم سيلدغون من جحر الأفعى للمرة الألف بعد موافقتهم على مسعى أمريكا التي تريد أن ترفع الحرج عن الكيان الصهيوني الذي أصبحت صورته مشوهة لدى الرأي العام العالمي بسبب جرائمه المفضوحة، وفي نفس الوقت تمده بالوقت الكافي ليلتقط أنفاسه...
والخاسر الوحيد في هذه الطبخة كالعادة هم العرب...العرب...العرب.!01