صدق الحبيب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن جابر بن عبد الله رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم . قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل العجم . يمنعون ذاك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي . قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم . ثم أسكت هنية . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا . لا يعده عددا(( " .
رواه مسلم باسناد صحيح رقم 2913
يتناول الحديث مرحلة مهمة في تاريخ امة الإسلام وهو الحصار الذي سيقع على ارض العراق وارض الشام
والحديث يتناول نبوءة ستقع وبالأحرى في هي وقعت ولكن في زمان الرسول لم تقع ولعل الكثير قد اغفل عنها وهي فتح بلاد العراق وبلاد الشام على يد المسلمين حتى وان ذكرت النبوءة في
أحاديث أخرى فمدلولها هنا أيضا في هذا الحديث ولو بحثنا في تلك الفترة الزمنية نجد ان بلاد الشام والعراق كانت تقع تحت حكم الفرس والروم
وهم في ذلك الوقت أقوى دولتين في ذاك الزمان في هذه المنطقة فكيف سيكون عليهما حصار هذا أولا
ثانيا : إبان الفتوحات الإسلامية التي حدثت في زمن أبي بكر وعمر وما تبعه من خلفاء وفتوح
شملت بلاد الشام وبلاد العراق وطرد الروم والفرس منها فكيف سيكون هناك حصارا عليهما وهم أقوياء في ذلك الوقت
ثالثا : في عهد بني أمية كانت ارض والشام ودمشق دار خلافة المسلمين وكانت الفتوحات الإسلامية قد وصلت أقاصي الأرض شرقها وغربها فكيف سيكون هناك حصار ؟
رابعا : في عهد بني العباس كانت دار الخلافة ارض العراق ومدينة بغداد وكانت الفتوحات الإسلامية وصلت إلى ذروتها فكيف يكون هناك حصار ؟
خامسا: حقبة الأيوبيين والمماليك والفاطميين وغيرهم وما تبعه من غزو للمغول والصليبيين لم يكن هناك حصار بل كان احتلال واستحلال للأرض وأهلها فكيف سيكون هناك حصار لأرض الشام
والعراق ؟
سادسا : حقبة الدولة العثمانية وما تبعه من حروب وفتوحات واحتلال نابليون لمصر ويافا وحصاره لعكا لا يعتبر حصارا للشام لان عكا مدينة من مدن الشام وليست الشام كله حتى عندما غزا إسماعيل ألصفوي جنوب تركيا أيضا لم يكن هناك حصار وبالتالي لم يكن هناك حصار على ارض الشام والعراق لان العثمانيون قاموا بمهاجمة الدولة الصفوية وضموا بلاد فارس والعراق لحكمهم
سابعا : الاحتلال البريطاني والفرنسي لبلاد الشام ومشروع التقسيم سايكس بيكو عام1916 لم يسبقه حصار وإنما هو احتلال قام بتقسيم أقاليم الدولة العثمانية إلى مناطق نفوذ وسيطرة لفرنسا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا وكان لبريطانيا وفرسنا حصة الأسد من التقسيم ولم يكن هناك حصار
في تلك الفترة لأنها خضعت للنفوذ مباشرة
تتبعنا بشكل واضح ومفصل الحقنات الزمنية التي أتت على المنطقة وحكمتها ومدى تطابقها لما هو
مذكور في نص الحديث الشريف فلم نجد أي حدث يمكن الاستدلال به أن الحصار قد وقع في الحقبات الزمنية السبع الفائتة
وهذا ما يؤكد وبشكل واضح لازم الحديث ودلالته عل أمر يتجاوز كل هذه الحقنات ليكون في أيامنا هذه والله تعالى أعلى واعلم واقرب واقرب التفاسير الى ذلك هو حصار العراق بعد حرب الخليج
عام 1990انتهت بسقوط بغداد في عام 2003
كان حصار العراق حصار مريرا ذاق فيه الشعب العراقي صنوفا من الشقاء لدرجة الفقر والجوع المتقع والمرض ونقص الأدوية وكان الحصار مفروضا من قبل الجميع أي ليس الروم لوحدهم بل
أيضا من قبل العجم وهم الروم الفرس حيث خرج العراق من حرب ضروس مع إيران عام
1988 انقطعت بعدها العلاقات وأغلقت الحدود فاشتد الخناق على الشعب العراقي
ومصطلح العجم أو الأعاجم أو الأعجمي هو كل من لا ينطق بالعربية أي أن العراق تعرض للحصار
من كل ما هو غير ناطق بالعربية وأيضا من الناطقين بالعربية
وهذا الحصار يعتبر الأول من نوعه في التاريخ يحاصر العراق مثل هذا الحصار ما يجعله يتطابق تماما مع نص الحديث
إذن تحقق الشطر الأول من الحديث بإجماع الكثيرين وبالأدلة والبراهين التاريخية
أما حصار الشام فقدا بدا قبل الانتهاء من حصار العراق بفترة بسيطة وظنون البعض أن الحصار لميقع ولكنه وقع ولكن في بداياته ولنأتي على تفصيلاته ولكن قبل ذلك علينا أن نعرج على نقاط
مهمة من اجل توسيع فهم التفسير
بلاد الشام هي ليس سوريا وحدها كما يظن البعض واغلب الظانين بذلك
الشام الكبرى وهي سوريا
ساحل الشام وهي لبنان
ساحل الشام وهي فلسطين
بادية الشام وهي الأردن
بدا حصار الشام على عدة مراحل وذلك من قبل الروم فقط أي من قبل الغرب وهنا نود الإشارة
إلى تغيير استخدام المصطلح وهو أن العراق حوصرت من قبل العجم ومصطلح العجم اشمل وأوسع من مصطلح الروم فكما أسلفنا العجم لغير الناطقين بالعربية فرس وصينيون ويابانيين
وروم وغرب وشرق كل الأمم الذين لا ينطقون بالعربية
أما الروم فهنا تخصيص في استخدام المصطلح أي إن الروم وحدهم هم الذين يحاصرون والروم هم بني الأصفر المعروفون هذه الأيام بالغرب وليست أمريكا وحدها بل كل الغرب معها
من دول اوروبية وهذا الحصار لم يشارك به غير الغرب لان مدلوله الأكيد والثابت انه الروم وحدهم هم من فرضوا الحصار على بلاد الشام
ولنبدأ في تفصيلات الحصار
سوريا بدا الحصار على سوريا من خلال فرض بعض العقوبات على الصادرات والواردات الخارجية مما اثر في الاقتصاد السوري وان لم يكن ذا ضرر كبير لدرجة وقوع جوع أو مجاعة
أما في لبنان فبعد حرب صيف عام 2006 قامت القوات الغربية بحشد بعض قطعها البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية لمراقبة السفن الخارجة والدخلة إلى لبنان وتفتيشها وبيعة الحصار هنا هو حصار عسكري وليس اقتصادي
أما في فلسطين فالحصار كان ذو طبيعة أخرى فهو حصار اقتصادي مشدد هي قطعت المعونات التي كانت تقدم للشعب الفلسطيني مما جعل الوضع الاقتصادي والاجتماعي في فلسطين وصل إلى درجة عالية من السوء ويتوقع في السنين المقبلة إن استمر الوضع كما هو عليه الآن في فلسطين احتمال حدوث مجاعة وفقر
أما في الأردن فالأردن محاصرة بكثير من الدول التي تعاني صراعات داخلية واحتلال مما يؤثر على اقتصادياتها من خلال هجرة الكثير من سكان الدول المجاورة إليها
يتابع الحديث بعد ذكر الحصار عن أمر أخر مهم جدا في حياة امة الإسلام والمسلمين وهو أمر الخليفة الذي يحثي المال حثيا ولا يعده عدا حسب ما يقول الحديث قدوم خليفة أمر ثابت لا اختلاف فيه ونظرا لعدم توفر الشروط في حكام المسلمين الحاليين فان
الأمر يتحدث عن شخص تتوفر فيه شروط الخلافة للأمة
ويرى اغلب المفسرين وعامة الناس أن الأمر سيأتي بعد الحصار مباشرة
ومن وجهة نظري هذا مستبعد قليلا أن يكون هناك خليفة مباشرة لسبب مهم أن الحديث لا يفيد التتابع
والمقصود هنا بالتتابع استمرارية النص ولكن الحديث يقول ثم سكت هنية أي أن رسول الله صمت ثم قال بعدها يكون في أخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا ولاحظ أخي أيضا أن النص الثالث من الحديث لا يفيد التتابع
حيث قال رسول الله يكون في آخر أمتي أي في أخر عمر امة الإسلام وليس الآن ونحن لسنا في آخر بل في أواخر وأواخر تعني مجموعة من السنين يلي بعدها أما أخر فهو سنين لا يلي بعدها سنين على امة محمد
أمر أخر النص من حيث الناحية اللغوية يقول (( يكون )) ولم يقل (( سيكون أو فيكون أو ثم يكون أو ليكون)) هذه أفعال تفيد التتابع أي أن الخليفة سيظهر مباشرة بعد الحصار والخليفة
المذكور هنا هو أخر خليفة من الخلفاء الثمانية المتبقين و الذي يليه عيسى عليه السلام
إذن هذا الشطر من الحديث لا يمت للواقع الذي نعيشه وإنما شيء حدوثه في المستقبل والله تعالى أعلى واعلم
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشام مديها ودينارها ومنعت مصر اردبها ودينارها وعدتم من حث بداتم وعدتم من حيث بداتم وعدتم من حيث بداتم شهد على ذلك لحم ابو هريرة ودمه ))
رواه مسلم بينا في الحديث السابق حصار اهل العراق وحصار اهل الشام وقد تحقق الاثنان وفي هذا الحديث معلومة جديدة
وهي مصر ولابد ان نوضح نقطة مهمة جدا عن مصر فمصر قبل اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 كانت ارضا واحدة
يعني مصر والسودان
والسودان اصلا هو ارض مصرية استقلت في العام1956 وقد خيرت من خلال الاستفتاء الشعبي بالبقاء مع مصر او الانفصال عنها
فاختارت الانفصال عن السودان وحدث بعض الخلافات مع الدولة الام على منطقة حلايب
ولنعد الى موضوع الحديث الذي يتناول حصار مصر وما هيته وكيفيته وهل وقع ام لا وطبعا
الحصار سنتحدث عنه بشقيه الشطر الام وهي مصر والشطر السوداني المنسلخ عن مصر الام
والمقصود بالاردب هنا حمولة قمح وجمعها ارادب والمعلوم ان مصر تستورد شحنات القمح من
امريكا لان المسيطر على سوق القمح في الوقت الحالي هي امريكا والسودان ايضا يستورد القمح من امريكا حاله كحال مصر
والسودان يعيش مشاكل داخلية اقليمية مع الاقليات التي تعيش فيه منها مشكلة جنوب السودان
وحركة تحرير السودان الذي انتهى باتفاق ابوجا والمشكلة الثانية المتازمة وهي مشكلة دارفور التي تسعى للانسلاخ عن السودان
ازمة دارفور اخذت بعدا عالميا اكثر من كونه مشكلة سودانية داخلية فاصبحت القضية في مسرح مجلس الامن الدولي وملعب الدول الكبرى
والامور تسير في اتجاه مختلف تماما وهو عملية فرض عقوبات اقتصادية على السودان ومجلس الامن حاليا شبه مطبق لتلك القرارات التي لم تتخذ رسميا ولكنه خفض عمليات الاغاثة وتقديم المساعدات للحكومة السودانية
اذن الاشارة الى بداية الحصار على ارض مصر بدات تتضح في الافق القريب
ونظرا لان مصر والسودان تاخذان القمح من امريكا وامريكا هي دولة رومية فان الحصار سيكون من قبل الروم
هذا بالنسبة للسودان فمعالم الحصار بدت واضحة جلية ونبوءة الحديث تحققت تقريبا
اما بالنسبة لمصر الام استبعد وقوع الحصار في الوقت الحالي الذي نعيشه لسبب وهو عام 1428 هجرية أي العام الذي كتب فيه هذا البحث
والسبب في ذلك ان الوضع الحالي في مصر لا يخمن احتمال وقوع حصار بسبب سياسة مصر العالمية التي تتوافق مع الغرب
اذن هناك دلالة اخرى احتمال حدوث تغير في السياسة المصرية او تغير في نظام الحكم حتى يقع الحصار على ارض مصر
وقوع اثنان والثالث في طريقه وهو حصار مصر يتابع الحديث القول وعدتم من حيث بداتم ماذا
يعني هذا ؟؟
هناك احتمال ان يعود المسلمون فقراء كما كانوا وهذا مستبعد تماما
الاحتمال الثاني وهو الاقرب الى الصواب عودة المسلمين الى الاسلام الصحيح وهذا يترتب عليه امور من اجل ان يحدث هذا والاحتمالات القائمة كثيرة منها وقوع حروب او تعرض المنطقة
لزلازل حتى تتطهر ارض المسلمين من الرجس والمعاصي التي عليها
وعودة المسلمين الى دينهم الصحيح يترتب عليه امر اخر مهم وهو حدوث خلافة على منهاج النبوة
ولكن السؤال متى ؟
كله ذلك علمه عند ربي والله ربي تعالى اعلى واعلم