تطور التعليم ومؤسساته في الجزائر :
للتعرف على مقومات تربية شعب من الشعوب، لا بد من العرف على تطور مؤسساته ونظمه التربوية،والتي هي مفتاح فهم حضارته ومقومات شخصيته.
ليست المدارس الحديثة و برامجها في الجزائر وليدة الأمس القريب، أو عملا من أعمال "التحضير الفرنسي" للجزائريين كما يدعى، بل إن للمؤسسات التربوية الجزائرية تاريخ طويل. انتقلت عبره من الكتاتيب البدائية والوحيدة الصف إلى الجامعات الضخمة والمتطورة.
لتسهيل فهم و تطور التربية ومؤسساتها في الجزائر يمكن تقسيم موضوعنا إلى ثلاثة مراحل متباينة، وذلك للتطورات الكبيرة في الميدان السياسي، وأثرها على الازدهار التربوي في الجزائر.و يمكن حصر هذه المراحل فيما يلي :
أ - المؤسسات التربوية ما قبل الاستعمار الفرنسي :
لم تكن هنالك وزارات مختصة بالتعليم خلال هذه المرحلة، فالتعليم كان مسؤولية جماعية يتعاون الكل لإنشاء المساجد والكتاتيب، ومن أهم مؤسسات هذه المرحلة :
1- المساجد : تكون كبيرة نسبيا، لذلك غالبا ما تكون في المدن وفي أماكن التجمعات السكنية الكبيرة والمتوسطة، حيث يتفنن البناءون في بنائها وزخرفتها، ويطلق عليها اسم "جوامع" في الجزائر العاصمة.
2- الكتاتيب : يطلق عليها اسم " المسيد "، وهي غالبا ما تحتوي على حجرة أو حجرتين، وهدفها الأساسي تحفيظ القرآن الكريم، ولصغر حجمها فهي تنتشر في القرى والمناطق النائية.
3- الزوايا : انتشرت خاصة في العهد العثماني نتيجة للتخلف واستبداد الحكام، وظهور ظاهرة التصوف، فإذا اشتهر أحد الناس بالورع والتقوى وشيء من العلم أسس له مكان لاستقبال الزوار والطلاب، فيغدق عليه المحسنون بعطاءاتهم وهكذا يشتهر المركز بزاوية "اسم صاحبها" حتى بعد موته، وللزاوية مهمات عدة منها قراءة القرآن، الندوات العلمية، والصلاة، وتقوم مقام مؤسسات الدراسة الثانوية، ينتقل إليها طلاب العلم والفقه.
4- الرابطات : وتشبه الزوايا في وظائفها الاجتماعية والثقافية،إلا أنها تكون قريبة من مواقع الأعداء،ويقوم المرابطون بها بدورهم الجهادي إلى جانب المهام الأخرى من تعلم وتعليم.
5 – المدارس : لم تبدأ المدارس كما نعرفها اليوم والمختصة بالتعليم في مراحله المختلفة، كما أن هناك اختلاف بين المؤرخين في تحديد عدد المدارس بدقة، وذلك نتيجة لعدم استقلالها كمؤسسات مستقلة تحت اسم مدرسة، بل كانت إما كتابا أو تابعة لمسجد أو زاوية.
ولم تتكون خلال هذه الحقبة من الزمن جامعة في الجزائر، كما هو الحال بالنسبة للأزهر بمصر والزيتونة بتونس، لقد كان الجامع الكبير للعاصمة نواة للجامعة الجزائرية بمركزه وكثرة حلقاته الدراسية. ولم يكن التعليم في هذه الحقبة من الزمن ينتهي بشهادات، وإنما كان يختم بإجازة شفوية من عند الأستاذ وتعبير صريح عن رضاه.
بـ - المؤسسات التربوية في عهد الاستعمار الفرنسي :
لقد كان التعليم بمؤسساته المختلفة مزدهرا نسبيا قبل دخول الاستعمار الفرنسي نتيجة لضخامة الأوقاف المخصصة له، وذلك باعتراف الفرنسيين أنفسهم، ومن أولى الخطوات التي قام بها الاستعمار الفرنسي الاستيلاء على أملاك الأوقاف التي تمول الخدمات الثقافية والدينية والاجتماعية للمسلمين، حيث أصدر كلوزال (Clauzel) الحاكم الفرنسي العسكري قرارا يوم 7ديسمبر 1830- بهذا الشأن- مما أدى إلى أثر جد سلبي على نشاط التعليم الذي كان يعتمد على الأوقاف في مصاريفه، كما استشهد كثير من علماء الدين وتشتت شملهم وهاجر غالبيتهم ممن بقوا على قيد الحياة إلى المشرق العربي، وإلى تونس وتركيا. كما حول المستعمر الفرنسي عدد من المساجد الكبيرة إلى كنائس للمسحيين مثلما هو الحال بالنسبة لجامع كتشاوة بالعاصمة، والمدرسة والزاوية التابعة للجامع الكبير حولت إلى حمام فرنسي، وهكذا عملت فرنسا على القضاء على التعليم في الجزائر معتمدة التجهيل والتفقير بهدف الفرنسة والتنصير. لقد كانت أول مدرس فرنسية لتعليم أبناء الأهالي الجزائريين، هي المدرسة الفرنسية الإسلامية 1836 بمدينة الجزائر، ثم تلتها بعد ذلك مدارس في أهم المدن التي تخضع للسلطة الفرنسية، حتى بلغ تلاميذ هذه المدارس بعد 20 سنة من الاحتلال- 1850- 646 تلميذ جزائري فقط.
وتبقى الكتاتيب القرآنية والمساجد والزوايا تستمر في دورها التعليمي،وتعتبر بمثابة الدرع الواقي من صدمات الاستعمار ومن محاولاته الاستعمارية، وارتبط اسمها باسم جمعية العلماء المسلمين بزعامة عبد الحميد ابن باديس، و قد عملت هذه الجمعية على بناء مدارس تابعة لها لمحاربة الجهل والأمية في مختلف أنحاء الجزائر،رغم استفزازات المستعمر الفرنسي لها، وقد آمن ابن باديس أن العمل الأول لمقاومة الاحتلال الفرنسي هو التعليم، والعودة بالإسلام إلى منابعه الأولى ومقومة الزيف والخرافات ومحاربة الفرق الصوفية الضالة التي عاونت الاستعمار.
تنبهت فرنسا إلى خطر هذه الجمعية فعطلت المدارس وزجت بالمدرسين في السجون وأعطت تعليمات بمراقبة علمائها.
ففرنسا منذ أن وطأت قدمها الجزائر(1830) عملت على القضاء على منابع الثقافة الإسلامية، فأغلقت نحو ألف مدرسة ابتدائية وثانوية كانت تضم أكثر من 150ألف طالب،ووضعت قيودا لفتح المدارس واقتصرتها على حفظ القرآن لا غير مع عدم التعرض لتفسير آيات القرآن خصوصا الآيات التي تدعو إلى التحرر، وعدم دراسة تاريخ الجزائر وتحريم المواد العلمية والرياضية.حتى المدارس المفتوحة للجزائريين فقد كان مضمونها يختلف عن مضمون المدارس التي كان يدرس بها الفرنسيين، فالسنة الأولى من التعليم الابتدائي(خاصة بالأهالي) يتعلم فيها الأهالي مبادئ اللغة الفرنسية، ولا يتم تسجيلهم إلا بعد تجاوزهم سن السادسة، فضلا عن ذلك كان التعليم يتسم بالتباين من منطقة إلى أخرى، والفوارق كانت موجودة بين نسب البنين والبنات، أما أبواب مدارس الحضانة ورياض الأطفال فكانت مسدودة في وجوه الأطفال الجزائريين ولم تفتح إلا للفرنسيين.
والنظام التعليمي الفرنسي المعمول به قبل الاستقلال بلغ إلى حد منع التلميذ الجزائري التلفظ في القسم أو حتى في فناء المدرسة بعبارة غير فرنسية وإجباره على حفظ التاريخ الفرنسي_و هو تاريخ غريب عنه وعن أجداده_وذلك بقصد عزله عن محيطه الطبيعي وتشويه انتمائه التاريخي والحضاري.وتتلخص المراحل التعليمية فيما يلي :
1 - مرحلة التعليم الابتدائي : تمتد على مدى 8سنوات - سنتين منها فرصة للإعادة - (6-14سنة)، ويرشح التلاميذ الذين تجاوز سنهم 14سنة إلى شهادة التعليم الابتدائي(CEP).
2 - مرحلة التعليم التكميلي : ويدوم أربع سنوات في نهايتها تجاز الدراسة بشهادة الأهلية، و التي تمكن حامليها الالتحاق بشعب دراسية كمسابقة الدخول لمدارس إعداد المعلمين.
3 - مرحلة التعليم الثانوي : يدوم ثلاث سنوات وغالبا لا يصل إليه إلا القليل من الجزائريين.
جـ - التعليم و مؤسساته في عهد الاستقلال :
كان التعليم الابتدائي سنة 1962 في حالة يرثى لها على غرار الميادين الأخرى،و الجدير بالذكر أن نسبة الانتساب إليه كانت تقارب 20% من مجموع التلاميذ الذين بلغوا سن الدراسة، فقد كانت مهمة المدرسة تتلخص في تكوين ما يحتاج إليه الاستعمار من مساعدين، وقد كان أول دخول مدرسي في أكتوبر 1962 اتخذت وزارة التربية قرارا يقضي بإدخال اللغة العربية في جميع المدارس الابتدائية بنسبة سبع ساعات في الأسبوع. وقد تم توظيف 3452 معلما للعربية و16450 للغة الأجنبية، منهم عدد من المرنين قصد سد الفراغ المدهش الذي أحدثه عمدا أكثر من 10.000معلم فرنسي غادروا الجزائر بصفة جماعية.
وقد ورثت الجزائر قلة هياكل الاستقبال و قلة الإطارات و مشكلة سيطرت اللغة الفرنسية وانحصار التعليم على مناطق و طبقات دون أخرى، وقد عمدت السلطة الجزائرية تعديلات مختلفة منذ 1962، ومن الإجراءات الفورية التي اتخذتها اللجنة الوطنية التي عقدت اجتماعها الأول في 15 ديسمبر1962 - الجزأرة، ديمقراطية التعليم، التعريب، والتكوين العلمي و التكنولوجي.واستمر تطبيق مجموع الإجراءات السنة تلو الأخرى، ففي أكتوبر1967طبق القرار القاضي بتعريب السنة الثانية الابتدائية تعريبا كاملا تدرس كل المواد المبرمجة باللغة العربية وحدها بتوقيت 20ساعة أسبوعيا.
و يمكن تلخيص النظام التربوي الجزائري في فترتين :
*الفترة الأولى(1962-1976) : وهي فترة انتقالية كان يسودها عدة نقائص، فاقتصرت على إدخال تحويلات تدريجية تمهيدا لتأسيس نظام تربوي يساير متطلبات التنمية، ومن أولويات هذه الفترة :
- تعميم التعليم بإقامة منشآت تعليمية وتوسيعها للمناطق النائية.
- جزأرة إطارات التعليم (أي إزالة آثار العناصر الدخيلة الوافدة من المجتمعات والثقافات التي لا تمت بصلة للمجتمع الجزائري، كما يعني جزأرة نظام التعليم ومناهجه والبعد عن الاستعارة من المجتمعات الأخرى، جزأرة الإطارات غايتها الاعتماد على أبناء البلاد من أهل الاختصاص لتحقيق الكفاءة التعليمية).
- تكييف مضامين التعليم الموروثة عن النظام التعليمي الفرنسي.
- التعريب التدريجي للتعليم.
و قد أدت هذه التدابير إلى ارتفاع نسبة المتمدرسين الذين بلغوا سن الدراسة، إذ قفزت من 20% إبان الدخول المدرسي الأول إلى 70% في نهاية هذه المرحلة.
* الفترة الثانية(1976-2002) : ابتدأت بصدور أمر 76-35 المؤرخ في16 أفريل 1976 بتنظيم التربية والتكوين بالجزائر،وأدخلت إصلاحات على النظام لتتماشى و التحولات الاقتصادية والاجتماعية، كما كرس الطابع الإلزامي ومجانية التعليم، وتأمينه لمدة 9 سنوات، قد شرع في تعميم وتطبيق أحكام هذا الأمر ابتداء من السنة الدراسية 1980- 981 (المدرسة الأساسية).
وقد عرفت المنظومة التربوية الجزائرية خلال الموسم الدراسي 2003 - 2004 تعديلات تتمثل في :
- تنصيب السنة الأولى من التعليم الابتدائي 2003- 2004، وقد تم تغيير محتويات بعض الكتب لنفس السنة في 2004 - 2005 (كالتربية الإسلامية).
- تنصيب السنة الثانية من التعليم الابتدائي 2004-2005، أضيفت إليها اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى، استعمال الترميز العلمي والمصطلحات العلمية، استعمال الوسائل التعبيرية(العربية والفرنسية).
- تنصيب السنة الأولى من التعليم المتوسط في إطار الإصلاح التدريجي والتربوي(نظام الأربع سنوات) ابتداء من الموسم الدراسي2003 -2004، وظهور اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة وطنية.
أما التعليم الثانوي فعرف تعديلات في هيكلته في سنة 2005 - 2006.
أما التعليم العالي فقد عرف تعديلات على ضوء توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية والتوجيهات المتضمنة في مخطط تطبيق الإصلاح التربوي الذي صودق عليه في مجلس الوزراء يوم 20أفريل 2002، سطرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كهدف استراتيجي لمرحلة2004-2013إعداد ووضع أرضية لإصلاح شامل للتعليم العالي (LMD) بحيث يمثل بنية العليم العالي المستلهمة من البنيات المعمول بها في البلدان الانجلوسكسونية، والمعممة في البلدان المصنعة،تتمثل هذه البنية حول ثلاثة أطوار للتكوين يتوج كل منها بشهادة جامعية :
- الطور الأول بكالوريا+ثلاث سنوات، يتوج بليسانس(أكاديمية-مهنية).
- لطور الثاني بكالوريا + خمسة سنوات، يتوج ماجستير(أكاديمية -مهنية).
- الطور الثالث بكالوريا + ثمان سنوات، يتوج بدكتوراه.
و لا تزال المنظومة التربوية الجزائرية إلى حد الآن تجري تعديلات على نظمها التربوية قصد التحسين من المردود التربوي و الرفع من مستواه.
المشاكل التي تواجه المنظومة التربوية في الجزائر :
تعاني المنظومة التربوية من عدة مشاكل، و لا يمكن إسناد مصدر هذه المشاكل إلى طرف دون آخر، و من بين هذه المشكلات :
* ضعف المستوى الدراسي.
* ارتفاع نسبة التسرب المدرسي.
* حصر التربية على المدرسة وغياب الأولياء عنها.
* غياب منهجية علمية للتقويم.
* اكتظاظ الأقسام مما يعرقل السير الحسن للدرس واستيعاب التلاميذ.
* مشكلات مصدرها الأستاذ نفسه.
* مشكلات مصدرها التلميذ.
* مشاكل مادية ومعنوية يعني منها الطرفين(معلم،متعلم).
* نقص الإمكانات المادية والوسائل البيداغوجية.
* نقص دراسات علمية ميدانية قبل إجراء تعديلات معينة.
* غموض سياسة التخطيط.
للتعرف على مقومات تربية شعب من الشعوب، لا بد من العرف على تطور مؤسساته ونظمه التربوية،والتي هي مفتاح فهم حضارته ومقومات شخصيته.
ليست المدارس الحديثة و برامجها في الجزائر وليدة الأمس القريب، أو عملا من أعمال "التحضير الفرنسي" للجزائريين كما يدعى، بل إن للمؤسسات التربوية الجزائرية تاريخ طويل. انتقلت عبره من الكتاتيب البدائية والوحيدة الصف إلى الجامعات الضخمة والمتطورة.
لتسهيل فهم و تطور التربية ومؤسساتها في الجزائر يمكن تقسيم موضوعنا إلى ثلاثة مراحل متباينة، وذلك للتطورات الكبيرة في الميدان السياسي، وأثرها على الازدهار التربوي في الجزائر.و يمكن حصر هذه المراحل فيما يلي :
أ - المؤسسات التربوية ما قبل الاستعمار الفرنسي :
لم تكن هنالك وزارات مختصة بالتعليم خلال هذه المرحلة، فالتعليم كان مسؤولية جماعية يتعاون الكل لإنشاء المساجد والكتاتيب، ومن أهم مؤسسات هذه المرحلة :
1- المساجد : تكون كبيرة نسبيا، لذلك غالبا ما تكون في المدن وفي أماكن التجمعات السكنية الكبيرة والمتوسطة، حيث يتفنن البناءون في بنائها وزخرفتها، ويطلق عليها اسم "جوامع" في الجزائر العاصمة.
2- الكتاتيب : يطلق عليها اسم " المسيد "، وهي غالبا ما تحتوي على حجرة أو حجرتين، وهدفها الأساسي تحفيظ القرآن الكريم، ولصغر حجمها فهي تنتشر في القرى والمناطق النائية.
3- الزوايا : انتشرت خاصة في العهد العثماني نتيجة للتخلف واستبداد الحكام، وظهور ظاهرة التصوف، فإذا اشتهر أحد الناس بالورع والتقوى وشيء من العلم أسس له مكان لاستقبال الزوار والطلاب، فيغدق عليه المحسنون بعطاءاتهم وهكذا يشتهر المركز بزاوية "اسم صاحبها" حتى بعد موته، وللزاوية مهمات عدة منها قراءة القرآن، الندوات العلمية، والصلاة، وتقوم مقام مؤسسات الدراسة الثانوية، ينتقل إليها طلاب العلم والفقه.
4- الرابطات : وتشبه الزوايا في وظائفها الاجتماعية والثقافية،إلا أنها تكون قريبة من مواقع الأعداء،ويقوم المرابطون بها بدورهم الجهادي إلى جانب المهام الأخرى من تعلم وتعليم.
5 – المدارس : لم تبدأ المدارس كما نعرفها اليوم والمختصة بالتعليم في مراحله المختلفة، كما أن هناك اختلاف بين المؤرخين في تحديد عدد المدارس بدقة، وذلك نتيجة لعدم استقلالها كمؤسسات مستقلة تحت اسم مدرسة، بل كانت إما كتابا أو تابعة لمسجد أو زاوية.
ولم تتكون خلال هذه الحقبة من الزمن جامعة في الجزائر، كما هو الحال بالنسبة للأزهر بمصر والزيتونة بتونس، لقد كان الجامع الكبير للعاصمة نواة للجامعة الجزائرية بمركزه وكثرة حلقاته الدراسية. ولم يكن التعليم في هذه الحقبة من الزمن ينتهي بشهادات، وإنما كان يختم بإجازة شفوية من عند الأستاذ وتعبير صريح عن رضاه.
بـ - المؤسسات التربوية في عهد الاستعمار الفرنسي :
لقد كان التعليم بمؤسساته المختلفة مزدهرا نسبيا قبل دخول الاستعمار الفرنسي نتيجة لضخامة الأوقاف المخصصة له، وذلك باعتراف الفرنسيين أنفسهم، ومن أولى الخطوات التي قام بها الاستعمار الفرنسي الاستيلاء على أملاك الأوقاف التي تمول الخدمات الثقافية والدينية والاجتماعية للمسلمين، حيث أصدر كلوزال (Clauzel) الحاكم الفرنسي العسكري قرارا يوم 7ديسمبر 1830- بهذا الشأن- مما أدى إلى أثر جد سلبي على نشاط التعليم الذي كان يعتمد على الأوقاف في مصاريفه، كما استشهد كثير من علماء الدين وتشتت شملهم وهاجر غالبيتهم ممن بقوا على قيد الحياة إلى المشرق العربي، وإلى تونس وتركيا. كما حول المستعمر الفرنسي عدد من المساجد الكبيرة إلى كنائس للمسحيين مثلما هو الحال بالنسبة لجامع كتشاوة بالعاصمة، والمدرسة والزاوية التابعة للجامع الكبير حولت إلى حمام فرنسي، وهكذا عملت فرنسا على القضاء على التعليم في الجزائر معتمدة التجهيل والتفقير بهدف الفرنسة والتنصير. لقد كانت أول مدرس فرنسية لتعليم أبناء الأهالي الجزائريين، هي المدرسة الفرنسية الإسلامية 1836 بمدينة الجزائر، ثم تلتها بعد ذلك مدارس في أهم المدن التي تخضع للسلطة الفرنسية، حتى بلغ تلاميذ هذه المدارس بعد 20 سنة من الاحتلال- 1850- 646 تلميذ جزائري فقط.
وتبقى الكتاتيب القرآنية والمساجد والزوايا تستمر في دورها التعليمي،وتعتبر بمثابة الدرع الواقي من صدمات الاستعمار ومن محاولاته الاستعمارية، وارتبط اسمها باسم جمعية العلماء المسلمين بزعامة عبد الحميد ابن باديس، و قد عملت هذه الجمعية على بناء مدارس تابعة لها لمحاربة الجهل والأمية في مختلف أنحاء الجزائر،رغم استفزازات المستعمر الفرنسي لها، وقد آمن ابن باديس أن العمل الأول لمقاومة الاحتلال الفرنسي هو التعليم، والعودة بالإسلام إلى منابعه الأولى ومقومة الزيف والخرافات ومحاربة الفرق الصوفية الضالة التي عاونت الاستعمار.
تنبهت فرنسا إلى خطر هذه الجمعية فعطلت المدارس وزجت بالمدرسين في السجون وأعطت تعليمات بمراقبة علمائها.
ففرنسا منذ أن وطأت قدمها الجزائر(1830) عملت على القضاء على منابع الثقافة الإسلامية، فأغلقت نحو ألف مدرسة ابتدائية وثانوية كانت تضم أكثر من 150ألف طالب،ووضعت قيودا لفتح المدارس واقتصرتها على حفظ القرآن لا غير مع عدم التعرض لتفسير آيات القرآن خصوصا الآيات التي تدعو إلى التحرر، وعدم دراسة تاريخ الجزائر وتحريم المواد العلمية والرياضية.حتى المدارس المفتوحة للجزائريين فقد كان مضمونها يختلف عن مضمون المدارس التي كان يدرس بها الفرنسيين، فالسنة الأولى من التعليم الابتدائي(خاصة بالأهالي) يتعلم فيها الأهالي مبادئ اللغة الفرنسية، ولا يتم تسجيلهم إلا بعد تجاوزهم سن السادسة، فضلا عن ذلك كان التعليم يتسم بالتباين من منطقة إلى أخرى، والفوارق كانت موجودة بين نسب البنين والبنات، أما أبواب مدارس الحضانة ورياض الأطفال فكانت مسدودة في وجوه الأطفال الجزائريين ولم تفتح إلا للفرنسيين.
والنظام التعليمي الفرنسي المعمول به قبل الاستقلال بلغ إلى حد منع التلميذ الجزائري التلفظ في القسم أو حتى في فناء المدرسة بعبارة غير فرنسية وإجباره على حفظ التاريخ الفرنسي_و هو تاريخ غريب عنه وعن أجداده_وذلك بقصد عزله عن محيطه الطبيعي وتشويه انتمائه التاريخي والحضاري.وتتلخص المراحل التعليمية فيما يلي :
1 - مرحلة التعليم الابتدائي : تمتد على مدى 8سنوات - سنتين منها فرصة للإعادة - (6-14سنة)، ويرشح التلاميذ الذين تجاوز سنهم 14سنة إلى شهادة التعليم الابتدائي(CEP).
2 - مرحلة التعليم التكميلي : ويدوم أربع سنوات في نهايتها تجاز الدراسة بشهادة الأهلية، و التي تمكن حامليها الالتحاق بشعب دراسية كمسابقة الدخول لمدارس إعداد المعلمين.
3 - مرحلة التعليم الثانوي : يدوم ثلاث سنوات وغالبا لا يصل إليه إلا القليل من الجزائريين.
جـ - التعليم و مؤسساته في عهد الاستقلال :
كان التعليم الابتدائي سنة 1962 في حالة يرثى لها على غرار الميادين الأخرى،و الجدير بالذكر أن نسبة الانتساب إليه كانت تقارب 20% من مجموع التلاميذ الذين بلغوا سن الدراسة، فقد كانت مهمة المدرسة تتلخص في تكوين ما يحتاج إليه الاستعمار من مساعدين، وقد كان أول دخول مدرسي في أكتوبر 1962 اتخذت وزارة التربية قرارا يقضي بإدخال اللغة العربية في جميع المدارس الابتدائية بنسبة سبع ساعات في الأسبوع. وقد تم توظيف 3452 معلما للعربية و16450 للغة الأجنبية، منهم عدد من المرنين قصد سد الفراغ المدهش الذي أحدثه عمدا أكثر من 10.000معلم فرنسي غادروا الجزائر بصفة جماعية.
وقد ورثت الجزائر قلة هياكل الاستقبال و قلة الإطارات و مشكلة سيطرت اللغة الفرنسية وانحصار التعليم على مناطق و طبقات دون أخرى، وقد عمدت السلطة الجزائرية تعديلات مختلفة منذ 1962، ومن الإجراءات الفورية التي اتخذتها اللجنة الوطنية التي عقدت اجتماعها الأول في 15 ديسمبر1962 - الجزأرة، ديمقراطية التعليم، التعريب، والتكوين العلمي و التكنولوجي.واستمر تطبيق مجموع الإجراءات السنة تلو الأخرى، ففي أكتوبر1967طبق القرار القاضي بتعريب السنة الثانية الابتدائية تعريبا كاملا تدرس كل المواد المبرمجة باللغة العربية وحدها بتوقيت 20ساعة أسبوعيا.
و يمكن تلخيص النظام التربوي الجزائري في فترتين :
*الفترة الأولى(1962-1976) : وهي فترة انتقالية كان يسودها عدة نقائص، فاقتصرت على إدخال تحويلات تدريجية تمهيدا لتأسيس نظام تربوي يساير متطلبات التنمية، ومن أولويات هذه الفترة :
- تعميم التعليم بإقامة منشآت تعليمية وتوسيعها للمناطق النائية.
- جزأرة إطارات التعليم (أي إزالة آثار العناصر الدخيلة الوافدة من المجتمعات والثقافات التي لا تمت بصلة للمجتمع الجزائري، كما يعني جزأرة نظام التعليم ومناهجه والبعد عن الاستعارة من المجتمعات الأخرى، جزأرة الإطارات غايتها الاعتماد على أبناء البلاد من أهل الاختصاص لتحقيق الكفاءة التعليمية).
- تكييف مضامين التعليم الموروثة عن النظام التعليمي الفرنسي.
- التعريب التدريجي للتعليم.
و قد أدت هذه التدابير إلى ارتفاع نسبة المتمدرسين الذين بلغوا سن الدراسة، إذ قفزت من 20% إبان الدخول المدرسي الأول إلى 70% في نهاية هذه المرحلة.
* الفترة الثانية(1976-2002) : ابتدأت بصدور أمر 76-35 المؤرخ في16 أفريل 1976 بتنظيم التربية والتكوين بالجزائر،وأدخلت إصلاحات على النظام لتتماشى و التحولات الاقتصادية والاجتماعية، كما كرس الطابع الإلزامي ومجانية التعليم، وتأمينه لمدة 9 سنوات، قد شرع في تعميم وتطبيق أحكام هذا الأمر ابتداء من السنة الدراسية 1980- 981 (المدرسة الأساسية).
وقد عرفت المنظومة التربوية الجزائرية خلال الموسم الدراسي 2003 - 2004 تعديلات تتمثل في :
- تنصيب السنة الأولى من التعليم الابتدائي 2003- 2004، وقد تم تغيير محتويات بعض الكتب لنفس السنة في 2004 - 2005 (كالتربية الإسلامية).
- تنصيب السنة الثانية من التعليم الابتدائي 2004-2005، أضيفت إليها اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى، استعمال الترميز العلمي والمصطلحات العلمية، استعمال الوسائل التعبيرية(العربية والفرنسية).
- تنصيب السنة الأولى من التعليم المتوسط في إطار الإصلاح التدريجي والتربوي(نظام الأربع سنوات) ابتداء من الموسم الدراسي2003 -2004، وظهور اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة وطنية.
أما التعليم الثانوي فعرف تعديلات في هيكلته في سنة 2005 - 2006.
أما التعليم العالي فقد عرف تعديلات على ضوء توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية والتوجيهات المتضمنة في مخطط تطبيق الإصلاح التربوي الذي صودق عليه في مجلس الوزراء يوم 20أفريل 2002، سطرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كهدف استراتيجي لمرحلة2004-2013إعداد ووضع أرضية لإصلاح شامل للتعليم العالي (LMD) بحيث يمثل بنية العليم العالي المستلهمة من البنيات المعمول بها في البلدان الانجلوسكسونية، والمعممة في البلدان المصنعة،تتمثل هذه البنية حول ثلاثة أطوار للتكوين يتوج كل منها بشهادة جامعية :
- الطور الأول بكالوريا+ثلاث سنوات، يتوج بليسانس(أكاديمية-مهنية).
- لطور الثاني بكالوريا + خمسة سنوات، يتوج ماجستير(أكاديمية -مهنية).
- الطور الثالث بكالوريا + ثمان سنوات، يتوج بدكتوراه.
و لا تزال المنظومة التربوية الجزائرية إلى حد الآن تجري تعديلات على نظمها التربوية قصد التحسين من المردود التربوي و الرفع من مستواه.
المشاكل التي تواجه المنظومة التربوية في الجزائر :
تعاني المنظومة التربوية من عدة مشاكل، و لا يمكن إسناد مصدر هذه المشاكل إلى طرف دون آخر، و من بين هذه المشكلات :
* ضعف المستوى الدراسي.
* ارتفاع نسبة التسرب المدرسي.
* حصر التربية على المدرسة وغياب الأولياء عنها.
* غياب منهجية علمية للتقويم.
* اكتظاظ الأقسام مما يعرقل السير الحسن للدرس واستيعاب التلاميذ.
* مشكلات مصدرها الأستاذ نفسه.
* مشكلات مصدرها التلميذ.
* مشاكل مادية ومعنوية يعني منها الطرفين(معلم،متعلم).
* نقص الإمكانات المادية والوسائل البيداغوجية.
* نقص دراسات علمية ميدانية قبل إجراء تعديلات معينة.
* غموض سياسة التخطيط.
الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 12:10 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات بافضل الديكورات والابداعات الجديده والمستمر في المشبات حيث نقوم بكافت اعمال المشبات بافضل الاسعار واجمل التصميم ديكورات روعه ديكورات مشبات حديثه افضل انواع المشبات في السعوديه افضل اشكال تراث غرف تراثية
الإثنين 23 نوفمبر 2020 - 14:30 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات صور مشبات رخام صور مشبات ملكيه صور مشبات فخمه صور مشبات روعه صور مشبات جد
الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 12:59 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات ومدافى بتصميم مودران مشبات رخام جديده
الثلاثاء 26 مايو 2020 - 14:26 من طرف جمال ديكورك
» كراس التمارين والكتابة للسنة الاولى ابتدائي
الأحد 13 أكتوبر 2019 - 1:44 من طرف kaddour_metiri
» تصميم بابداع وعروض لجمال ديكور بيتلك صور مشبات مشبات رخام مشبات الرياض
الإثنين 14 يناير 2019 - 23:34 من طرف shams
» بيداغوجية الدعم بدل الاستدراك
الثلاثاء 31 يوليو 2018 - 23:31 من طرف shams
» بالمحبة والاقتداء ننصره.
الأربعاء 11 يوليو 2018 - 12:58 من طرف shams
» Le Nom .مراجعة
الجمعة 25 مايو 2018 - 17:22 من طرف أم محمد