سلسلة بطل من بلادي.......مع شيخ الشهداء عبدلي محمد بن شينون

سلسلة بطل من بلادي.......مع شيخ الشهداء عبدلي محمد بن شينون

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ
وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ( الأحزاب آية 23)

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

مولده ونسبه: في أسرة عريقة ومحافظة ولد شيخ الشهداء عبدلي محمد بن شينون
في دوار الزبيرات حوالي 16 كم الى الشمال الشرقي لبلدية سيدي عيسى لأبيه دنيدني بن بن يحي بن قويدر بن عبد الله بن الزبير بن يحي بن بن عيسى الجد الاكبر لاهم بطون المنطقة ومنه تستمد سيدي عيسى تسميتها منذ قرون وامه السيدة النخلة بنت زارد..... الملقبة بالصلاية حسب رواية الابن الحاج عبد القادر لمواظبتها على الصلاة دون سواها من نساء الدوار. وهو وحيد أبيه من الذكور في اسرة تتكون من ثلاث اناث هوالرابع فيها.
3- تعلمه : إلتحق بالكتاب مثل باقي الجزائريين وحفظ القرآن في سن مبكرة تتلمذ على يد أحد المشايخ الكبار المدعو سي لخضر ثم إنتقل الى زاوية الهامل ليتابع دراسته وبنهل من علومها كالفقه والسيرة والحديث على يد كبار شيوخها العلامة الشخ محمد بلقاسم القاسيمي ليمنحه هذا الاخير إجازة التدريس عام 1917 تقدير ا لنبوغه ويسمح له بالتدريس و هو شاب غير ان الشيخ فضل مواصلته لطلب العلم والاستزادة منه فينتقل الى منطقة القبائل ببجاية ليأخذ من شيخها المداسي ثم حاول الالتحاق بجامع الزيتونة بتونس لكن الشيخ الدنيدني والد الشيخ رفض ذلك بحكم انه وحيده وسنده في ذات الوقت ولا يتحمل بعده عنه فرضي شيخنا طاعة لوالده واكتفى بما تحصل عليه على ايدي شيوخه الافاضل في الوطن وهي اخر محطة تعليمية في حياته بعد عدم قدرته على التنقل الى جامع الزيتونه لمواصلة تعليمه اعماله :
1- تاسيس الزاوية :من الاعمال الجليلةالتي كان لها الاثر الطيب على المنطقة تأسيسه للزاوية وهي الاولى على مستوى المنطقة في سيدي عيسى بمساعدة والده الذي لم يبخل عليه بشيء في سبيل تحقيق حلمه في بناء هذه المنارة الدينية وبالفعل تم تأسيس الزاوية نحو عام 1926بعدما تحصل على ترخيص الاعتماد من طرف الإدارة الفرنسية و إجازة التدريس من طرف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين برئاسة عبد الحميد بن باديس فأصبحت هذه المنارة قبلة لطلاب العلم ومنذ ذلك الوقت صار الشيخ على اتصال دائم بأعضاء الجمعية امثال العربي التبسي و البشير الإبراهيمي الذين باركوا هذا العمل الجليل فكانوا لايبخلوا عليه بالتوجيهات ويرسلون له الجرائد التي تصدر عن جمعيتهم كالبصائر والشهاب .
ولقب الشيخ بالمقدم لتقدمه في العلم على غيره من المشايخ وكان يباشر مهامه التعليمية بمعية كبار شيوخ تلك الفترة أمثال الشيخ الطاهر طاهري و الطاهر عبدلي و الحاج عيسى علية وغيرهم..ويشرف على أكثر من سبعين طالب مقيمين بالزاوية التي تسهر على توفير كل نفقاتهم و نفقات مدرسيهم من مأوى واكل وشرب و لباس على حساب الشيخ المقدم و بعض التبرعات من أهل الدوار خاصة الأغنياء أمثال عيسى بن الطباخ و عبدلي العوفي وأموال العشور والزكاة… ومن أشهر العلماء الذين تتلمذوا على يده الشيخ عمر العرباوي مؤسس مسجد بئر خادم.
طباخ يحيى_رحمه الله إمام مسجد سعد بن أبي وقا ص واقو يدر علية رحمه الله إمام المسجد العتيق والشيخ مداني لقريشي إمام مسجد في قصر الشلالة سابقا وآخرون...
قصة بناء المسجد : لدعم عمل الزاوية ساهم الشيخ بقسط كبير في بناء المسجد العتيق بالتبرع من أمواله الخاصة بالإضافة إلى تبرعات أهل المنطقة لكن الشيخ انفق معظم ما يملك لبناء مسجد سعد بن أبي وقاص فكان أول من تولى الامامة فيه حيث لمدة ثلاث سنوات متتالية .
ولم يكتف الشيخ بالتدريس في الزاوية بل ظل يتنقل بين الدواوير ملقيا على عاتقه مسؤولية تعمير البلاد وتحرير العباد ناشرا للعلم حاثا على ضرورة التعلم وكسر الجمود والتخلف الذي فرضته الادارة الفرنسية والخروج من دائرة التخلف . بالإضافة إلى الدور الذي تحملته الزاوية في تنوير العقول كانت تتابع عن كثب التطورات التي تعرفها الحركة الوطنية وتساهم في توعية السكان وحثهم على الحفاظ على مقوماتهم وهويتهم العربية الإسلامية داعيا إياهم إلى رص الصفوف وهذا بإشراف جمعية العلماء المسلمين . وما أن اندلعت الثورة التحريرية في نوفمبر 1954 حتى كانت أول المباركين لها وكان تأثير عمل الزاوية واضحا حيث انخرط أغلبية سكان الدوار في صفوفها وعلى رأسهم شيخ الشهداء مجاهدا بماله ونفسه وأبنائه الأربعة الذين استشهد منهم اثنان طيب عبدلي وهو الابن الأصغر في منطقة طاقين قرب آفلو عام 1958 والثاني إبراهيم في مارس عام 1962بين سيدي هجرس وعين الحجل في منطقة تعرف باولاد رية (وسيأتي عرض حولهما إنشاء الله.) كما أصبحت الزاوية مركزا للتجنيد والتطبيب يدعم الثورة ماديا ومعنويا (المال والرجال ) و يلتقي فيه أفراد جيش التحرير للتشاور والتخطيط للعمليات العسكرية أمثال يحياوي بن مالك وطيب عبدلي وبولبداوي المختار ومسؤول المنطقة سي الهاشمي رحمهم الله جميعا و مركز عبور لكل المجاهدين.......وتأمين تنقلهم بين الولايتين الثالثة والرابعة
استشهاده: حاولت فرنسا أن تستغل نفوذ الشيخ محمد المقدم بين القبائل واحترامهم اللامحدود وتوقيرهم له في تبيض صورة فرنسا وضرورة تقديم الولاء والطاعة لولي نعمتهم ..وتسخره لخدمة مصالحها وتروض به القبائل المتمردة وتعودهم على طاعة فرنسا والانسياق لاوامرها...... غير أن الشيخ كان بعيدا كل البعد عن مخططاتها فقد كان متمسكا بوطنيته وقيم ثورة نوفمبر رافضا تقديم أدنى مساعدة لفرنسا ومن تبعها من الخونة وأكثر من ذلك رفضه القاطع تسليم ولده ابراهيم وهو ما زاد في كرههم له محاولة الانتقام منه.
في ذلك اليوم المشئوم وحسب رواية الكثير ممن عايشوا الحدث فإن فرقة من القوات الفرنسيةمنهم من قدرها بالمئات توجهت إلى الدوار محاصرة لكل مداخله ومخارجه ثم قامت باحتجاز العديد من سكانه اضافة الى سكان بعض الدواوير المجاورة في إصطبلات الى غاية الصباح ولم ترحمهم رغم الصيام ظل الدوار تحت رحمة الحصار ليلة كاملة ليجر الشيخ في الصباح الى مذبح الحرية و يتردد الضابط الفرنسي على اطلاق الرصاص عليه ولا يقوى على النظر في وجهه لينهي هذا التردد برصاصة من الخلف تخترق جبينه الطاهرة ثم يعدم مجاهد آخر هو البشير وذلك في ال19 من رمضان 1357هج الموافق ل 29 مارس 1959 ويستشهد الشيخ في هذا الشهر المعروف وطنيا بشهر الشهداء الذي شهد ايضا استشهاد بطلين من طينة الكبار هما العقيدين الحواس وعميروش ...وتسارع القوات الفرنسية بالرحيل بعد تنفيذها لهذه الجريمة البشعة في حق رجل رفض ان يطأطئ رأسه أو يسير في موجة الخيانة بالإضافة إلى تأكد فرنسا من الدور الريادي للشيخ في النضال ودوره المادي والمعنوي اللامحدود في الثورة المباركة وتنتهي مسيرة رجل صنع من الرجال أسود لا تخشى الوغى ويستمر العمل الثوري بنفُسه و حسه إلى غاية تحرير البلاد. رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جنانه
شكر خاص لكل الذين قدموا لنا يد المساعدة في إظهار بعض الجوانب من حياة أبطالنا خاصة الشيوخ الذين أرهقناهم بالأسئلة ورغم ذلك لم نلمس منهم الا التجاوب والترحيب ومنهم الشيخ الربيع وبسيسة وغيرهم ......دون ننسى عبدلي بن يحي.

بقلم : محمد حسان نايلي

جزاك الله الف خير