دليل الأم الفلسطينية لصنع الرجال .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
دليل الأم الفلسطينية لصنع الرجال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حوار: تسنيم محمد
إذا كان ثمة منافع للمذبحة الصهيونية الأخيرة في غزة؛ فعلى رأسها تأتي لوحة الصمود التي رسمها أهالي القطاع رجالاً ونساءً وأطفالاً، ذلك إذا جاز إطلاق لقب طفل على وليد تلك المعركة بما بات يحمل في وجهه وتكوينه من سمات خاصة قوامها طفرة الإدراك والإحساس والمسئولية.
في مسح ديموجرافي حديث أجرته دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية، أكد أن المجتمع الفلسطيني يتميز عن غيره من المجتمعات الأخرى كونه مجتمعًا يافعًا، يمثل الأطفال فيه نصف المجتمع تقريبًا، وبينت النتائج أن نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 سنةً بلغت 45.5%.
وأشارت دراسة أخرى مماثلة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة هي53% من بينهم 49.1% إناثًا و50,9% ذكورًا، كما تشير كل التقديرات الفلسطينية للخصوبة إلى أن المجتمع الفلسطيني سيبقى يافعًا خلال العقود الثلاث القادمة.
وتشير العديد من الدراسات إلى تعمد الجنود الصهاينة ملاحقة الأطفال وقتلهم، ورغم ذلك فلم يخيفوا الأطفال الفلسطينيين ولم يهددوهم بمدافعهم المشهرة، بل الرعب كان من نصيب الجنود من حجارة الأطفال وفدائيتهم، ونحن خلال الحوار التالي نتعرف معًا على كيفية تنشئة هذا الطفل الفلسطيني وأسباب هذا الثبات والصمود؟ وكيف تبث الأم العربية روح الشجاعة وتحمل المسئولية في نفوس أطفالها؟
من خلال حوارنا مع الأستاذة الدكتورة زينب حسن أستاذ أصول التربية بكلية البنات جامعة عين شمس:
* شاهدنا مع الملايين في أنحاء العالم صمود وشجاعة الطفل الفلسطيني.. فما عوامل التنشئة التي أهلته لذلك؟
** من أصعب المواقف التي يعيشها الإنسان شعوره بافتقاد الأرض والهوية وهو ما يدفع الناس إلى التفاني في سبيل الحصول على الاستقرار والثبات؛ لأنه وبدون هذه المقومات الحياتية الأساسية يكون الموت هو أقرب طريق ويكون الاستشهاد في سبيل الله وسبيل الحفاظ على الأرض والوجود هو الخيار والطريق الوحيد للاستمرار وأطفال فلسطين ولدوا وعاشوا في هذه الظروف خرجوا ووجدوا آباءهم وأجدادهم لا يعرفون سوى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله الطريق الوحيد للحفاظ على الأرض، وفي سبيل ذلك تهون الأرواح، وأول شيء عبَّر به الطفل الفلسطيني عن غضبه هو إلقاء حجارة على المحتل فهي سبيله الوحيد لرد العدوان الخارجي عليه ولسان حاله يقول: "أنا ألقي عليك حجرًا لأنني لا أريدك لأنك أكلت عيشي وأخذت مكاني واعتديت على أرضي"، وينشأ الطفل على هذه الروح فاليوم يمسك حجرًا وغدًا يمسك سلاحًا، والعالم ينظر ويتعجب كيف بمدافع أمام حجارة ورجال أمام أطفال عُزَّل، وكيف يواجهون المسلحين بهذه الأشياء البسيطة.
* حاول العدو الصهيوني بث الخوف والرعب في نفس الطفل لقتل روح المقاومة، ولكن محاولاته باءت بالفشل.. فما سر صمود هذا الطفل الصغير؟
** الطفل الفلسطيني يرضع ويتغذى تغذيةً نفسيةً تدفعه لذلك وكل المثيرات التي يتعامل معها الطفل تحمسه وتحفزه، فجيل يتلوه جيل أكثر تصميمًا وإصرارًا على استرداد الأرض المسلوبة، وخصوصًا أن الأجيال الحالية وجدت المصيبة تكبر أمامها، وكلما ازداد الوضع سوءًا يزداد الطفل غيظًا، ويزداد اندفاعًا وحماسًا وإصرارًا على الأخذ بالثأر.
* ولكن كيف بثَّت فيه الأم روح التضحية وتحمُّل المسئولية؟
** أطفال فلسطين لا يحتاجون لأن يبث أحد فيهم هذه الصفات؛ لأن المجتمع نفسه مشحون ومشبع فحديث الأب والأم والأصدقاء حول هذا والإعلام يتحدث عن هذا، فطريقة الحياة كلها لا تحتاج؛ لأن يقال له نحن نعيش في فقر وحروب بسبب كذا وكذا، فالولد فتح عينه ورأى ووعى، وكل المؤثرات الخارجية تؤكد له أنه يجب أن يكون كذلك.
كذلك نجد الأمهات لديهن الصلابة والثبات بحيث يستطعن مواجهة هذه الظروف وتأهيل أطفالهن للمعايشة والقدرة على أن يكون لهم أدوار إيجابية في المجتمع، وهي قدرة عند الأم الفلسطينية أكثر من أي شيء آخر؛ لأنها تبث أكثر من غيرها والطفل بطبيعته أكثر التصاقًا بالأم، فهي قادرة على أن تنقل هذه المشاعر لطفلها بالتدريج، هذا طبعًا إلى جانب المثيرات المجتمعية كلها التي تؤهل الطفل إلى أن يصير لبنة في مجتمع مجاهد مصرّ على الحياة.
صفات غائبة
* هل ترين أن هذه الصفات التي يتمتع بها الطفل الفلسطيني غائبة عن أطفالنا وما السبب؟
** بالتأكيد غائبة وترجع بالأساس إلى عوامل التربية والتنشئة التي نشأ عليها الطفل، وأطفال العرب ينقسمون قسمين فئة الأغنياء وفئة الفقراء، ابن الأغنياء مدلل وكل الإمكانات أمامه متاحة؛ فهو يسير بسيارة وموبايل ولديه إنترنت ويرتدي أحدث الموديلات، فكل احتياجاته تُلبَّى، ولم يشعر بالحرمان.. فما الذي يدفعه للسعي وتحمل المسئولية؟! والهم الوحيد الذي يحمله هؤلاء الأطفال هو هم الدراسة والمذاكرة ولا توجد أي مسئوليات أخرى جانبية، وهذه هي المصيبة الحقيقية؛ لأن هم المذاكرة لا يعودهم تحمل المسئولية لأنه بانتهاء العام الدراسي تنقطع صلتهم بهذا الهم.
والحقيقة أنا أشفق عليهم من نظام التعليم الذي يحملهم الكثير من الأعباء فهم يتحملون من المقررات الدراسية ما لا يُطيقه ولا يتحمله طفل في العالم كمًّا وكيفًا وفي نفس الوقت يخرج الأولاد أنصاف متعلمين وغير مثقفين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بأي ذنب قُتل أطفال غزة؟!
أما أطفال الفقراء فسعيهم للحصول على لقمة العيش أقوى من سعيهم للتعليم، فالطفل الفقير همه الوحيد إيجاد لقمة العيش من أجل الحياة مثل الطفل الفلسطيني الذي يضع نفسه أمام مدفعٍ من أجل الحياة أيضًا، حتى وإن ذهب الطفل الفقير للمدرسة، فهناك كرباج خلفه يقول له إن لم تتعلم فسيكون مصيرك الخروج للعمل فهم يعيشون على فتاتِ الأغنياء، أما الأشياء الأخرى فتعتبر رفاهية، فنجد الكثيرين منهم يدخرون قليلاً من المصروف ليلعبوا بها الإنترنت والبلاي ستيشن رغبةً منهم أن يكونوا مثل ذويهم من الأغنياء.
* إذا مرَّ الطفل العربي بنفس ظروف الطفل الفلسطيني.. هل كنا سنجد عنده نفس الصمود وتحمل المسئولية؟
** احتمال لو تعرض لنفس الظروف، فالمسألة ليست جينات وراثية موجودة في الطفل الفلسطيني جعلته هكذا إنما هذا واقع وتاريخ وظروف عبأته فهو شيء اكتسبه من المجتمع، فلو وجدت نفس الظروف في أي مجتمعٍ سنجد نفس صفات هذا الطفل.
* وكيف يكتسب أطفالنا منذ النشأة هذه الصفات من الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية؟
** وسائل التربية عمومًا مسئولة عن تربية الطفل على هذه الصفات، وهي الأسرة والمدرسة والإعلام، ففي الأسرة نجد أن الأب هو نموذج لابنه وهو القدوة التي يجب أن يُحتذَى بها، فإذا كان الأب حنونًا وعادلاً بين أبنائه ويعامل زوجته بمودة ورحمة فسيكون الولد على شاكلته يتسم بتحمل المسئولية والمحافظة على المكان، وكذلك من المتعارف عليه اقتداء الفتاة بأمها في معاملة الأهل والجيران وصلة الرحم، فكل هذا يكتسبه الأطفال من الأسرة، والهم الأكبر في الإعلام؛ لأن تأثيره أقوى من تأثير النصائح المباشرة أو التقليدية.
ولهذا أعتقد أن الإعلام من الممكن أن يقدم صورةً رائعةً لأطفالنا لو استُغل الاستغلال الأمثل لمصلحة أطفالنا، خاصةً في نقل صورة أطفال غزة وكفاحهم وشجاعتهم وحرصهم على أن يكون لهم أرض ووطن ومن ثَمَّ يكونوا نموذجًا وقدوةً، فلا بد أن يعلم أطفالنا أن هناك من الأطفال مَن هم نموذج مُشرِّف يحتذوا به، وفي حين يركز الإعلام الفلسطيني على جزئية المقاومة والاستشهاد في سبيل الله والوطن نجد إعلامنا يتغاضى عن بث هذه الصفات في نفوس أبنائنا.
روح الانتماء
* أطفالنا فقدوا روح الانتماء فأصبح الإهمال سمتهم في كل شيء، وإذا ما كبروا وأصبحوا شبابًا نسمع عن هروب الآلاف خارج أوطانهم وزواج البعض من الصهيونيات.. فما السبب؟
** الذي يدفعهم لذلك هو رغبتهم في الحياة، الطفل الذي يشعر منذ نعومة أظفاره بالأمان والهوية ويعيش في مجتمع يحترمه ويقدره كإنسان مجتمع حاضن وجاذب يربي هذا في الطفل روح الانتماء والولاء وعلى العكس إذا لم تتوافر هذه العناصر فإن المجتمع سيكون طاردًا، فمثلاً إذا خرج الطفل بين أب يبحث عن وظيفتين حتى يستطيع تلبية الحد الأدنى من طلبات أبنائه ويرى أخًا عاطلاً قتلته مشاعر الألم والحزن والكآبة فإنه يخرج في وسط هذه الظروف وهذه البيئة ناقمًا عليها ولا يُفكِّر إلا في شيء واحد هو الهروب من مجتمعه حتى تستمر حياته، فهو يلقي بنفسه تحت أي ظروف ومغريات حتى ولو كانت أحلامًا غير صحيحة أو آمالاً صعبة التحقيق، مثل الطفل الفلسطيني الذي يلقي بنفسه لكي يحافظ على حياته وحياة مجتمعه.
* خطوات عملية تتبعها الأم في تنشئتها أطفالها تكسبهم الشجاعة والانتماء؟
** أول شيء يجب أن تغرسه الأم في طفلها الحب والدفء والعطف الذي يربطه بالمكان، ومن هذا المنطلق تبدأ الأم تبث فيه روح الإحساس بالمسئولية فجميع أفراد الأسرة يشاركون بعضهم البعض بحيث يكون هناك توزيع للأدوار فإذا شعر كل فرد أنه يشارك في هذا المجتمع الصغير الدافئ سيقوم بعمله على أكمل وجه فدفء المكان يجعل الناس الموجودة فيه تتحمل المسئوليات وأداء الأدوار لإرضاء الناس الموجودين في هذا المكان، والقدرة على تحمل المسئولية ليست في هذه المواقف الصغيرة، ولكن هذه بذرة تضعها الأم في أبنائها بحيث يتحمل المسئولية عندما يذهب للمدرسة ويحافظ على أدواته وعلاقاته ويذاكر واجباته فيظل الطفل تكبر فيه مشاعر الشعور بتحمل المسئولية من هذه الوحدة الصغيرة.
* وكيف تبث الأم فيه روح الجهاد؟
** حب المجتمع الصغير لا يظل هكذا بل تتسع الدائرة أمام الطفل كلما كبر وكبر المجتمع الذي يحبه الطفل والمجتمع الأكبر مفروض عليه أن يعطيه حبًّا وغطاءً وغذاءً وكساءً ليتولد لدى الطفل الإحساس بالولاء، فالمجتمع الذي يحب أبناءه ستنتقل هذه المشاعر إلى الناس، وهذا يجعلهم فخورين بانتمائهم له ولكن أبناءنا اليوم يسألون ماذا قدم لنا المجتمع كي نعطيه حبًّا أو ولاءً؛ وذلك لأن هذا المجتمع الكبير لم يحقق لهم المطالب ولم يحقق لهم الأمل في غدٍ أحسن والمجتمع إذا بخل على أفراده فإنهم سيحرمونه حبهم.
وعلى الأم أن تذكرهم باستمرار بقصص من التراث وكيف كان أطفال المسلمين في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والصحابة رضوان الله عليهم يتميزون بالشجاعة والإقدام ويرغبون في الجهاد في هذه السن المبكرة اقتداءً بالنبي صلى الله عليهم وحبًّا للجهاد في سبيل الله.
* وماذا تحذر الأم في تربية أبنائها؟
** أهم شيء أن تحذر الأم استخدام القسوة في تربية أطفالها لأنها منفرة وتنشأ طفلاً غير سوي، أيضًا ضرورة العدل بين الأبناء فالمعاملة العادلة تجعل الأبناء يحبون بعضهم البعض، ويجب أن تحترم الأم الأب لأنه القدوة لأبنائه حتى وإن كان به عيوب يجب أن يظل أمام الأبناء النموذج والقدوة، وعلى الأم أن تحذر التوبيخ والعقاب سواء كان بدنيًّا أو غير بدني أمام الآخرين وحبذا لو أن الأم استغلت طاقة أطفالها في عمل بسيط يجلب له عائدًا ماديًّا كنوعٍ من تحمل المسئولية خلال فترة الإجازة المدرسية، والأهم من ذلك هو عدم الكذب أمام الأطفال؛ لأنها عادة سيئة تجعلهم يفقدون القدوة، وكل هذه الأشياء تجعل أطفالنا جبناء لا يتحملون المسئولية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منقول .....
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
دليل الأم الفلسطينية لصنع الرجال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حوار: تسنيم محمد
إذا كان ثمة منافع للمذبحة الصهيونية الأخيرة في غزة؛ فعلى رأسها تأتي لوحة الصمود التي رسمها أهالي القطاع رجالاً ونساءً وأطفالاً، ذلك إذا جاز إطلاق لقب طفل على وليد تلك المعركة بما بات يحمل في وجهه وتكوينه من سمات خاصة قوامها طفرة الإدراك والإحساس والمسئولية.
في مسح ديموجرافي حديث أجرته دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية، أكد أن المجتمع الفلسطيني يتميز عن غيره من المجتمعات الأخرى كونه مجتمعًا يافعًا، يمثل الأطفال فيه نصف المجتمع تقريبًا، وبينت النتائج أن نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 سنةً بلغت 45.5%.
وأشارت دراسة أخرى مماثلة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة هي53% من بينهم 49.1% إناثًا و50,9% ذكورًا، كما تشير كل التقديرات الفلسطينية للخصوبة إلى أن المجتمع الفلسطيني سيبقى يافعًا خلال العقود الثلاث القادمة.
وتشير العديد من الدراسات إلى تعمد الجنود الصهاينة ملاحقة الأطفال وقتلهم، ورغم ذلك فلم يخيفوا الأطفال الفلسطينيين ولم يهددوهم بمدافعهم المشهرة، بل الرعب كان من نصيب الجنود من حجارة الأطفال وفدائيتهم، ونحن خلال الحوار التالي نتعرف معًا على كيفية تنشئة هذا الطفل الفلسطيني وأسباب هذا الثبات والصمود؟ وكيف تبث الأم العربية روح الشجاعة وتحمل المسئولية في نفوس أطفالها؟
من خلال حوارنا مع الأستاذة الدكتورة زينب حسن أستاذ أصول التربية بكلية البنات جامعة عين شمس:
* شاهدنا مع الملايين في أنحاء العالم صمود وشجاعة الطفل الفلسطيني.. فما عوامل التنشئة التي أهلته لذلك؟
** من أصعب المواقف التي يعيشها الإنسان شعوره بافتقاد الأرض والهوية وهو ما يدفع الناس إلى التفاني في سبيل الحصول على الاستقرار والثبات؛ لأنه وبدون هذه المقومات الحياتية الأساسية يكون الموت هو أقرب طريق ويكون الاستشهاد في سبيل الله وسبيل الحفاظ على الأرض والوجود هو الخيار والطريق الوحيد للاستمرار وأطفال فلسطين ولدوا وعاشوا في هذه الظروف خرجوا ووجدوا آباءهم وأجدادهم لا يعرفون سوى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله الطريق الوحيد للحفاظ على الأرض، وفي سبيل ذلك تهون الأرواح، وأول شيء عبَّر به الطفل الفلسطيني عن غضبه هو إلقاء حجارة على المحتل فهي سبيله الوحيد لرد العدوان الخارجي عليه ولسان حاله يقول: "أنا ألقي عليك حجرًا لأنني لا أريدك لأنك أكلت عيشي وأخذت مكاني واعتديت على أرضي"، وينشأ الطفل على هذه الروح فاليوم يمسك حجرًا وغدًا يمسك سلاحًا، والعالم ينظر ويتعجب كيف بمدافع أمام حجارة ورجال أمام أطفال عُزَّل، وكيف يواجهون المسلحين بهذه الأشياء البسيطة.
* حاول العدو الصهيوني بث الخوف والرعب في نفس الطفل لقتل روح المقاومة، ولكن محاولاته باءت بالفشل.. فما سر صمود هذا الطفل الصغير؟
** الطفل الفلسطيني يرضع ويتغذى تغذيةً نفسيةً تدفعه لذلك وكل المثيرات التي يتعامل معها الطفل تحمسه وتحفزه، فجيل يتلوه جيل أكثر تصميمًا وإصرارًا على استرداد الأرض المسلوبة، وخصوصًا أن الأجيال الحالية وجدت المصيبة تكبر أمامها، وكلما ازداد الوضع سوءًا يزداد الطفل غيظًا، ويزداد اندفاعًا وحماسًا وإصرارًا على الأخذ بالثأر.
* ولكن كيف بثَّت فيه الأم روح التضحية وتحمُّل المسئولية؟
** أطفال فلسطين لا يحتاجون لأن يبث أحد فيهم هذه الصفات؛ لأن المجتمع نفسه مشحون ومشبع فحديث الأب والأم والأصدقاء حول هذا والإعلام يتحدث عن هذا، فطريقة الحياة كلها لا تحتاج؛ لأن يقال له نحن نعيش في فقر وحروب بسبب كذا وكذا، فالولد فتح عينه ورأى ووعى، وكل المؤثرات الخارجية تؤكد له أنه يجب أن يكون كذلك.
كذلك نجد الأمهات لديهن الصلابة والثبات بحيث يستطعن مواجهة هذه الظروف وتأهيل أطفالهن للمعايشة والقدرة على أن يكون لهم أدوار إيجابية في المجتمع، وهي قدرة عند الأم الفلسطينية أكثر من أي شيء آخر؛ لأنها تبث أكثر من غيرها والطفل بطبيعته أكثر التصاقًا بالأم، فهي قادرة على أن تنقل هذه المشاعر لطفلها بالتدريج، هذا طبعًا إلى جانب المثيرات المجتمعية كلها التي تؤهل الطفل إلى أن يصير لبنة في مجتمع مجاهد مصرّ على الحياة.
صفات غائبة
* هل ترين أن هذه الصفات التي يتمتع بها الطفل الفلسطيني غائبة عن أطفالنا وما السبب؟
** بالتأكيد غائبة وترجع بالأساس إلى عوامل التربية والتنشئة التي نشأ عليها الطفل، وأطفال العرب ينقسمون قسمين فئة الأغنياء وفئة الفقراء، ابن الأغنياء مدلل وكل الإمكانات أمامه متاحة؛ فهو يسير بسيارة وموبايل ولديه إنترنت ويرتدي أحدث الموديلات، فكل احتياجاته تُلبَّى، ولم يشعر بالحرمان.. فما الذي يدفعه للسعي وتحمل المسئولية؟! والهم الوحيد الذي يحمله هؤلاء الأطفال هو هم الدراسة والمذاكرة ولا توجد أي مسئوليات أخرى جانبية، وهذه هي المصيبة الحقيقية؛ لأن هم المذاكرة لا يعودهم تحمل المسئولية لأنه بانتهاء العام الدراسي تنقطع صلتهم بهذا الهم.
والحقيقة أنا أشفق عليهم من نظام التعليم الذي يحملهم الكثير من الأعباء فهم يتحملون من المقررات الدراسية ما لا يُطيقه ولا يتحمله طفل في العالم كمًّا وكيفًا وفي نفس الوقت يخرج الأولاد أنصاف متعلمين وغير مثقفين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بأي ذنب قُتل أطفال غزة؟!
أما أطفال الفقراء فسعيهم للحصول على لقمة العيش أقوى من سعيهم للتعليم، فالطفل الفقير همه الوحيد إيجاد لقمة العيش من أجل الحياة مثل الطفل الفلسطيني الذي يضع نفسه أمام مدفعٍ من أجل الحياة أيضًا، حتى وإن ذهب الطفل الفقير للمدرسة، فهناك كرباج خلفه يقول له إن لم تتعلم فسيكون مصيرك الخروج للعمل فهم يعيشون على فتاتِ الأغنياء، أما الأشياء الأخرى فتعتبر رفاهية، فنجد الكثيرين منهم يدخرون قليلاً من المصروف ليلعبوا بها الإنترنت والبلاي ستيشن رغبةً منهم أن يكونوا مثل ذويهم من الأغنياء.
* إذا مرَّ الطفل العربي بنفس ظروف الطفل الفلسطيني.. هل كنا سنجد عنده نفس الصمود وتحمل المسئولية؟
** احتمال لو تعرض لنفس الظروف، فالمسألة ليست جينات وراثية موجودة في الطفل الفلسطيني جعلته هكذا إنما هذا واقع وتاريخ وظروف عبأته فهو شيء اكتسبه من المجتمع، فلو وجدت نفس الظروف في أي مجتمعٍ سنجد نفس صفات هذا الطفل.
* وكيف يكتسب أطفالنا منذ النشأة هذه الصفات من الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية؟
** وسائل التربية عمومًا مسئولة عن تربية الطفل على هذه الصفات، وهي الأسرة والمدرسة والإعلام، ففي الأسرة نجد أن الأب هو نموذج لابنه وهو القدوة التي يجب أن يُحتذَى بها، فإذا كان الأب حنونًا وعادلاً بين أبنائه ويعامل زوجته بمودة ورحمة فسيكون الولد على شاكلته يتسم بتحمل المسئولية والمحافظة على المكان، وكذلك من المتعارف عليه اقتداء الفتاة بأمها في معاملة الأهل والجيران وصلة الرحم، فكل هذا يكتسبه الأطفال من الأسرة، والهم الأكبر في الإعلام؛ لأن تأثيره أقوى من تأثير النصائح المباشرة أو التقليدية.
ولهذا أعتقد أن الإعلام من الممكن أن يقدم صورةً رائعةً لأطفالنا لو استُغل الاستغلال الأمثل لمصلحة أطفالنا، خاصةً في نقل صورة أطفال غزة وكفاحهم وشجاعتهم وحرصهم على أن يكون لهم أرض ووطن ومن ثَمَّ يكونوا نموذجًا وقدوةً، فلا بد أن يعلم أطفالنا أن هناك من الأطفال مَن هم نموذج مُشرِّف يحتذوا به، وفي حين يركز الإعلام الفلسطيني على جزئية المقاومة والاستشهاد في سبيل الله والوطن نجد إعلامنا يتغاضى عن بث هذه الصفات في نفوس أبنائنا.
روح الانتماء
* أطفالنا فقدوا روح الانتماء فأصبح الإهمال سمتهم في كل شيء، وإذا ما كبروا وأصبحوا شبابًا نسمع عن هروب الآلاف خارج أوطانهم وزواج البعض من الصهيونيات.. فما السبب؟
** الذي يدفعهم لذلك هو رغبتهم في الحياة، الطفل الذي يشعر منذ نعومة أظفاره بالأمان والهوية ويعيش في مجتمع يحترمه ويقدره كإنسان مجتمع حاضن وجاذب يربي هذا في الطفل روح الانتماء والولاء وعلى العكس إذا لم تتوافر هذه العناصر فإن المجتمع سيكون طاردًا، فمثلاً إذا خرج الطفل بين أب يبحث عن وظيفتين حتى يستطيع تلبية الحد الأدنى من طلبات أبنائه ويرى أخًا عاطلاً قتلته مشاعر الألم والحزن والكآبة فإنه يخرج في وسط هذه الظروف وهذه البيئة ناقمًا عليها ولا يُفكِّر إلا في شيء واحد هو الهروب من مجتمعه حتى تستمر حياته، فهو يلقي بنفسه تحت أي ظروف ومغريات حتى ولو كانت أحلامًا غير صحيحة أو آمالاً صعبة التحقيق، مثل الطفل الفلسطيني الذي يلقي بنفسه لكي يحافظ على حياته وحياة مجتمعه.
* خطوات عملية تتبعها الأم في تنشئتها أطفالها تكسبهم الشجاعة والانتماء؟
** أول شيء يجب أن تغرسه الأم في طفلها الحب والدفء والعطف الذي يربطه بالمكان، ومن هذا المنطلق تبدأ الأم تبث فيه روح الإحساس بالمسئولية فجميع أفراد الأسرة يشاركون بعضهم البعض بحيث يكون هناك توزيع للأدوار فإذا شعر كل فرد أنه يشارك في هذا المجتمع الصغير الدافئ سيقوم بعمله على أكمل وجه فدفء المكان يجعل الناس الموجودة فيه تتحمل المسئوليات وأداء الأدوار لإرضاء الناس الموجودين في هذا المكان، والقدرة على تحمل المسئولية ليست في هذه المواقف الصغيرة، ولكن هذه بذرة تضعها الأم في أبنائها بحيث يتحمل المسئولية عندما يذهب للمدرسة ويحافظ على أدواته وعلاقاته ويذاكر واجباته فيظل الطفل تكبر فيه مشاعر الشعور بتحمل المسئولية من هذه الوحدة الصغيرة.
* وكيف تبث الأم فيه روح الجهاد؟
** حب المجتمع الصغير لا يظل هكذا بل تتسع الدائرة أمام الطفل كلما كبر وكبر المجتمع الذي يحبه الطفل والمجتمع الأكبر مفروض عليه أن يعطيه حبًّا وغطاءً وغذاءً وكساءً ليتولد لدى الطفل الإحساس بالولاء، فالمجتمع الذي يحب أبناءه ستنتقل هذه المشاعر إلى الناس، وهذا يجعلهم فخورين بانتمائهم له ولكن أبناءنا اليوم يسألون ماذا قدم لنا المجتمع كي نعطيه حبًّا أو ولاءً؛ وذلك لأن هذا المجتمع الكبير لم يحقق لهم المطالب ولم يحقق لهم الأمل في غدٍ أحسن والمجتمع إذا بخل على أفراده فإنهم سيحرمونه حبهم.
وعلى الأم أن تذكرهم باستمرار بقصص من التراث وكيف كان أطفال المسلمين في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والصحابة رضوان الله عليهم يتميزون بالشجاعة والإقدام ويرغبون في الجهاد في هذه السن المبكرة اقتداءً بالنبي صلى الله عليهم وحبًّا للجهاد في سبيل الله.
* وماذا تحذر الأم في تربية أبنائها؟
** أهم شيء أن تحذر الأم استخدام القسوة في تربية أطفالها لأنها منفرة وتنشأ طفلاً غير سوي، أيضًا ضرورة العدل بين الأبناء فالمعاملة العادلة تجعل الأبناء يحبون بعضهم البعض، ويجب أن تحترم الأم الأب لأنه القدوة لأبنائه حتى وإن كان به عيوب يجب أن يظل أمام الأبناء النموذج والقدوة، وعلى الأم أن تحذر التوبيخ والعقاب سواء كان بدنيًّا أو غير بدني أمام الآخرين وحبذا لو أن الأم استغلت طاقة أطفالها في عمل بسيط يجلب له عائدًا ماديًّا كنوعٍ من تحمل المسئولية خلال فترة الإجازة المدرسية، والأهم من ذلك هو عدم الكذب أمام الأطفال؛ لأنها عادة سيئة تجعلهم يفقدون القدوة، وكل هذه الأشياء تجعل أطفالنا جبناء لا يتحملون المسئولية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منقول .....
الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 12:10 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات بافضل الديكورات والابداعات الجديده والمستمر في المشبات حيث نقوم بكافت اعمال المشبات بافضل الاسعار واجمل التصميم ديكورات روعه ديكورات مشبات حديثه افضل انواع المشبات في السعوديه افضل اشكال تراث غرف تراثية
الإثنين 23 نوفمبر 2020 - 14:30 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات صور مشبات رخام صور مشبات ملكيه صور مشبات فخمه صور مشبات روعه صور مشبات جد
الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 12:59 من طرف جمال ديكورك
» صور مشبات ومدافى بتصميم مودران مشبات رخام جديده
الثلاثاء 26 مايو 2020 - 14:26 من طرف جمال ديكورك
» كراس التمارين والكتابة للسنة الاولى ابتدائي
الأحد 13 أكتوبر 2019 - 1:44 من طرف kaddour_metiri
» تصميم بابداع وعروض لجمال ديكور بيتلك صور مشبات مشبات رخام مشبات الرياض
الإثنين 14 يناير 2019 - 23:34 من طرف shams
» بيداغوجية الدعم بدل الاستدراك
الثلاثاء 31 يوليو 2018 - 23:31 من طرف shams
» بالمحبة والاقتداء ننصره.
الأربعاء 11 يوليو 2018 - 12:58 من طرف shams
» Le Nom .مراجعة
الجمعة 25 مايو 2018 - 17:22 من طرف أم محمد