العلا قات الانسانية في الادارة المدرسية

العلاقات الإنسانية في الإدارة المدرسية
تـــوطئـة
إن تقدم المجتمع يقاس بمدى كفاءة و فاعلية الأجهزة التربوية الموجودة فيه باعتبار التربية عملية استثمار للموارد البشرية وهي لتحقيق أهداف التنمية الشاملة .
إن المجتمعات الإنسانية بشكل عام تعيش اليوم ثورة معرفة وتكنولوجية هائلة ، فالمعارف العلمية والإنسانيـة تتضاعـف باستمرار، الأمر الذي يفرض على المؤسسات مراجعة أهدافها وأساليبها ، وآليـات عملهـا لتتمكن من توظيف ذلك الإنتاج المعرفي الهائل باتجاه تحقيق أهدافها وغاياتها .
وما نـراه من اهتمام الإداريين في شتى مجالات العمـل بالنسبة لتنظيم أعمالهم ،أو ما يشـرفون عليـه من إدارات ليؤكد أهمية الإدارة لنجاح الأعمال لا سيما ونحن نعيش عصر تغير لم يسبق له مثيل في معدل سرعته وشموله،وهذا التغيير الشامل ، يقتضي وجود إدارة تتسم بالسرعة والحسم وتيسير حدوث التغيير فضلا عن توجيهه نحو فائدة أكبر.
والإدارة المدرسيـة ذات أهميـة بالغـة في هـذه المرحلـة من مراحل التطور الحضاري السريع الذي يعيشـه المجتمـع البشـري حاليـا ولسنـا نبالغ اذا قلنـا إن مستقبل المدنيـة الحديثة، وقف على قيام الإدارة التربوية بدورها في اتجاهين هما : مساعدة التغيير على الحدوث، والعمل على توافق هذا التغيير،واستقراره في الاتجاه المرغوب فيه.
"إن أي تطور للتعليم قوامه تطوير في إدارته ومن ثم فإن الإستراتيجية السليمة لتطوير النظم التربوية ، هي تلك التى تأخذ في صلب حسابها تطوير إدارات هذه النظم وتجديدها .
ونظرا لأهمية العلاقات الإنسانية في حياتنا العامة لأن الإسلام هو دين العلاقات الإنسانية المبنية على أصول التسامح والرأفة والرحمة ،قال تعالى:
((أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)). سورة يوسف الآية : 108 .
لينطلق بعد ذلك إلى تحديد الأصل في التعامل مع الآخرين؟ هل هو منطق الشدة والغلظة والقوة ؟ أم أنه منطق التسامح واللين والعفو؟.
أما العلاقات الإنسانية فقد وصف الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم في سورة آل عمران بقوله:
{ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك ..} 159
ولعلنا نحن الآن في هذا العصر أكثر ما نكون في حاجه لهذه العلاقات الإنسانية والتي تعتمد على تفهم حاجـات الفــرد والجماعـة وبالتالي نسعى من خـلال ذلك إلى إشبـاع تلك الحاجـات الفردية في ضوء الأهداف العامـة ، فالعـلاقات الإنسانية تركـز على العنصر البشـري أكثـر من التركيـز على الجوانب المادية كما تعمل على إثارة الدوافع الفرديــة بهدف الإنتـاج والتنظيم في جـو يسـوده التفاهـم والثقـة المتبادلـة ، فـرضاء الأفراد وارتياحهم في أعمـالهم إنمـا هو نتيجة للشعور بالتقدير والشعور بالانتماء والمشاركة، فعندما تكون العلاقة بين الطـرفين علاقـة ود واحترام متبادل يؤدي ذلك إلى إنتاج مثمر في العمل .


بداية نشأة العلاقات الإنسانية
ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية بعد ظهور المدرسة الكلاسيكية والتي ركزت في اهتمامهـا على تحقيق معـدلات عاليـة من الإنتاجية دون اهتمام بالفرد المنتج و اعتبرت العنصر البشري مثل الآلة علية أن يعمـل بدون حواس و عوامل نفسيـة و اجتماعيـة و اقتصاديـة مما عـرضها لكثير من الانتقادات .
................ ونتيجة لهذه الانتقادات
 ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية ( الطبيعية ) ، فأول من أهتم بدراسة النواحي الإنسانية في الإدارة (( ماري باركر)) و تعتبر الأبحاث التي قام بها (( ايلتون مايو )) في شركة ويسترن إليكتريك الأمريكية بمثابة نقطة تحول في الفكر الإداري وسميت بتجارب (( هاوثورن ))
مفهوم العلاقات الإنسانية
 هي عملية إدماج الأفراد في مواقف العمل الذي يدفعهم إلى العمل سوياً كجماعة منتجة متعاونة مع ضمان الحصول على الإشبــاع النفــسي والاجتماعي و الاقتصـادى ، هدفها هو جعل الأفراد منتجين متعاونين من خلال الميولات المشتركة و الحصول على الإشباع عن طريق تنمية علاقاتهم بعضهم بالبعض الآخر و توحيدها .
 سلوك مثالي بين القائد أو المشرف مع من تحت إشرافه من حيث المعاملة الحسنة بما يحقق الأهداف المشتركة للإدارة و الأفراد
و العاملين .
 عملية تنشيط واقع الأفراد في موقف معين مع تحقيق توازن بين رضاهم النفسي وتحقيق الأهداف المرغوبة.
 السلوك الإداري الذي يقوم على تقدير كل فرد في التنظيم الإداري وتقدير مواهبه وعلى الاحترام المتبادل بين الأفراد وبينهم وبين القائد والرئيس .
 الإطار الذي يتم من خلاله التوفيق بين إرضاء المطالب البشرية وتحقيق أهداف العمل ويتحدد من خلال علاقة الرئيس ، المرؤوس واتجاهاتها .
 هي المعاملة الطيبة و الحسنة للأفراد التي تحقق التوازن بين رضاهم النفسي و أهداف المدرسة .
أسس العــلاقـات الإنسانيــة
تطلب تكوين العلاقات الإنسانية بين جميع من يتفاعلون مع الجـو التعليـمي في المـدرسـة سـواء أكان مديـراً أو مشرفاً أو معلماً أو متعلما وغيرهم ، أن يكون الجـو المدرسي مبنياً على الإيمان بقيمة الفـرد و الجماعة والعيش بانسجام وبوجود النية الصادقة و التفاعل البناء .
لذلـك لابـد من أسس و مبـادئ تقوم عليها العـلاقـات الإنسانية ومنها ما يلي :
1 ـ الإيمان بقيمة الفرد
وهذا يعني أن يؤمن القائـد بأن لكل فرد شخصية فريدة يجب احترامها ، وأن الفرد العادي قـادر ـ إذا أتيحت له الفرصة ـ أن يفكر تفكيرا موضوعيا منـزها عن الاعتبـارات الشخصية إلى حد كبير . قادر على أن يصل إلى قرارات رشيدة قائمة على أسس علميه سليمة فيما يعترضه من مواقف.
2 ـ المشاركة والتعاون
وينبع هذا من الإيمان بأن العمل الجماعي أجدى وأكثر قيمة من العمل الفردي ، وحين يتاح الجو المناسب لجماعة ما لمناقشة أمر من الأمور أو تبادل الرأي فيه فإن قدرة هذه الجماعة على فهم الموضوع وتحديد أبعاده وملابساته واتخاذ قرار بشأنه تكون أفضل مما لو ترك الأمـر للاجتهادات الفردية مهما بلغ بالفرد من تفوق ومهما اكتسب من خبرات .
3 ـ العدل في المعاملة
ويعني هذا أن يعامل القـائـد أفراد التنظيم الإداري معاملة تتسم بالمساواة والعدل بعيدة عن التحيز والمحاباة وذلك في إطار قدرات الأفـراد وإمكاناتهم ومواهبهم ، وإيمانا بمبدأ الفـروق الفردية بين الأفراد ، وتفاوتهم فيما وهبهم الله من قدرات .
4 ـ التحديث والتطوير
إن التنظيم الإداري في حاجة مستمـرة إلى النمو ، أي إلى التعديـل والتطويـر ، والجهـاز الإداري هو الـذي يحقق ذلك عن طـريق نموه، وتفاعلـه واكتسـاب العـادات والسلوكـات . في مجـال العلاقـات الإنسانية ـ تنمو بالخبرة والممارسـة ... وإن من أبـرز سمات النظام الإداري الناجـح النمو والتقدم رغم العقبات ، بل إن علاج العقبات والتغلب على الصعوبات هو في حد ذاتـه عامـل من عوامل التقدم والنمو .
أهداف العلاقات الإنسانية
إن إهتمام الإدارة وحرصها على تطبيق جانب الاتصال الرسمي لا يقل عن جانب الاتصال الاجتماعي، وخلق جو ودي تعاوني بين الأفراد وتشجيع المبادرات، وخلق الحوافز المادية والمعنوية الإيجابية منها والسلبية لدفع الأفراد للعطاء وتقدير أعمالهم واحترام إنسانيتهم ، وتفهم شعورهم بعمق وإدراك، وتهيئة البيئة الاجتماعية الآمنة لجميع العاملين سيكون له مردود ايجابي فعال لتقديم أفضل ما يمكن تقديمه ، و تهدف العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية إلى :
1. تنمية وتوثيق الروابط بين منسوبي المدرسة بما يكفل توفير جو من الثقة المتبادلة .
2. رفع كفاءة العمل وتحسين الإنتاج من خلال التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات .
3. خلق مناخات صحية للعلاقات الإيجابية بين إدارة المدرسة والمعلمين والمتعلمين والأولياء
4. إشباع حاجات الأفراد النفسية والاجتماعية ومساعدتهم على تحقيق ذواتهم وإبراز قدراتهم.
5. التعاون في حل المشكلات التي تعترض العمل المدرسي .
6. تعـزيـز الانتماء للعمل وإثـارة الدافعيـة للمساهمـة في تطويره وتحسينه والتجريب والابتكار .



مظاهـر العــلاقـات الإنسانيـة
 مستوى الأداء والإنتاج .
 مدى استمرار العاملين .
 مدى غياب العاملين أو انقطاعهم عن العمل.
 مدى ما يسود الأفراد من شقاق أو نزاع أو خلاف بينهم .
 مدى كثرة الشكاوي و التظلمات .
واقع العلاقات الإنسانية في المدارس
يختلف واقع العلاقات الإنسانية من مدرسة لأخرى تبعاً لعوامل متعددة مثل :
الفلسفة الإدارية لإدارة المدرسة – نوعية المعلمين – الفهم السائد للعلاقات الإنسانية – حجم المدرسة ... الخ .
الممارسات التي تعكس مفهوم العلاقات الإنسانية داخل المدرسة هي :
 يذهب البعض إلى فهم العلاقات الإنسانية على أنها تتمثل في ترك الحرية الكاملة للمعلمين وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى نمط الإدارة الفوضوية وينعكس على العمل سلباً
 و يذهب آخرون إلى تكوين علاقات خاصة من المعلمين وبالتالي ، تتــرك لهم الحرية في تسيير شؤون المدرسة كما يحلو لهم وهذه هي الشلة أو ..... أو ...... بعينها .
 و يذهب البعض إلى مخالفـة اللوائــح والاحتيـــال على الأنظمـــة وقــد يصــل الأمر إلى التواطــؤ مع بعض المعلمين لتغطية ما يعتري عملهم من نقص وهذا ما يؤدي إلى ضعـف الإنتاج وتهاون المعلمين في عملهم.
 و يعتقـد البعض أن العــلاقات الإنسانية تتمثل في التبســط إلى أقصى حـد ممكـن ورفــع الكلفــة فيما بينه وبين المعلمين ولذا فإنه لا يهتم بأي تنظيمات رسمية للعمل وهذا ما ينعكس على العمل سلباً إذ قد يحقق العلاقات المطلوبة ولكنها في كثير من الأحيان لا تقوم على الاحترام الذي ينبغي أن يتوفر لإدارة المدرسة .






دور القـــائـــد في بناء علاقات إنسانيـــة
إن نجاح القـــائــد في توثيـق العـــلاقات الإنسانيـــة بين المعلمين يعتمد على احترامهم وتقدير جهودهم ، لذلك تتوطد العلاقات الطيبة بين القائد والمعلمين عن طريق ما يلي :
• القدوة الحسنة لمجتمع المدرسة في حسن التعامل ورقي الأخلاق واحترام الآخرين .
• تفهم الحاجات النفسيــة وخصائص كل فـرد والتعامل وفق الأسلوب المناسب.
• أخذ رأي المعلمين فيما يقومون به من أعمــال وإشـراكهم في تحقيق أهداف العمل المدرسي .
• توخي العدالة بين المعلمين وعدم المحاباة أو التحيز لمعـلم دون آخر .
• خلق جو من الثقة المتبادلة والاحتــرام وإيضــاح ما يحتاج إلى ذلك .
• تجنب المساس بشخص المعلم والتركيز على الجوانب التي تتصل بالعمل .
• تجنب توجيه المعلم أو معاتبته بشأنه أمام الآخرين .
• البعد عن التكبر والفردية وسلطوية القرار واختيار النمط الإداري الملائم لفريق العمل .
• اعتماد مبـدأ الحــوار والمصارحــة والبعــد عن الغـمــوض وما يثير الشك و الريبة .
• التعاطف مع ظروف المعلم وتفهمها والتعاون معه على إيجاد حلول مناسبة لها .
• تشجيع المعلمين على إبــداء مــلاحظاتهم و مرئياتهم تجاه العمل المدرسي والأخذ بالجيد منها .
• تقدير جهود المعلمين والثناء على الجهود المتميزة بشكل علني أمام المعلمين والمتعلمين .
• تهيئة الأجواء الملائمة لتكوين علاقات إنسانية ايجابية بين المعلمين والمتعلمين ومتابعتها .
• أن تتسم علاقــات القائــد بالمتعلمين بعــــلاقـات أبوية قائمة على العطف والحرص من قبله والاحترام والتقدير منهم .

الآثار المترتبة على حسن العلاقات الإنسانية
 شعور المعلمين بثقتهم بمسؤولهم المباشــر .
 الارتياح النفسي والرضا الوظيفي ، الذي يجعلهم يعملون بحيوية ونشاط
 تقبل المعلمين توجيهات القــائـد بصدر رحب .
 توفر المناخ الصحي الذي يساعد على نمو المعلمين مهنياً واجتماعياً ونفسياً .
 النهوض بمستوى التلاميذ وزيادة تحصيلهم الدراسي
 التعاون بين المعلمين في حل المشكلات
 انخفاض نسب تغيب المعلمين عن المدرسة أو تأخرهم .
تطبيقات عملية لتحسين العلاقات الإنسانية
ومن تلك التطبيقات ما يلي :
1- لقــاء شهري أو أسبوعي بعد العمل المدرسي كدورية يجتمع الجميع في جلسة أخويه بينهم .
2- الوقوف مع فيما يواجهه من مشكلات مع المتعلمين أو أوليائهم .
3- الاشتراك مع المعلمين في دراسة بعض الظواهر السلوكية في المدرسة .
4- زيارة المعلم المريض للاطمئنان على صحته .
5- مساعدة المعلم الجديد وتهيئة كافة الظروف المناسبة .
6- مساعدة المعلم المحتاج مالياً .
7- مشاركة المعلم في أفراحه و أقــراحه .
8- العدل والمساواة بين جميع المعلمين عند توزيع الجدول المدرسي .

ملا حظة : منــقـــول للفائـــــــــدة

شكرا جزيت الفردوس اخي الغالي